قلت: والألباني لا يضبط العلل كما يصنع المتقدمون، ولا يعتني بها كثيرا، فهو في الغالب لا يجعل تعدد الحديث مردده إلى خطأ الرواة أو تعليل بعض أسانيدها البعض الآخر، وإنما هو عنده في الغالب الأسانيد المتعددة تدل على تعدد الرواية، وبالتالي مفيدة للاعتضاد، لا معللة لبعضها بعضا. أهـ من الصحيحة.
كذا قالوا، وفيما قال ابن كثير والهيثمي والسيوطي والألباني نظر كبير، وإليك بيانه.
دينار والد عيسى فيه جهالة ما وثقه غير ابن حبان، وصرح بجهالته ابن المديني فقال: عيسى معروف ولا نعرف أباه. اهـ.
وتفرد بالرواية عنه ابنه، وهذا نكارة في الأصل.
وفي الإسناد انقطاع
فإن دينارا لا يصح سماعه من الحارث بن ضرار.
وذلك أن ديناراً مولى عمرو بن الحارث ولد الحارث، وليس مولى الحارث.
وفي سنن أبي داود رواية من طريق عيسى بن دينار عن أبيه عن عمرو بن الحارث بن أبي ضرار عن ابن مسعود ..
فلو كان من كبار التابعين لروى عن ابن مسعود مباشرة مع أن ابن مسعود تأخر قليلاً، وليس كالحارث الذي ظاهره انه توفي إما في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وإما في أوائل الخلافة، إذ ليس له إلا هذا الحديث، وهذه قاعدة مهمة جدا، في معرفة من تقدمت وفاته وانقطعت الأسانيد إليه.
وذلك أن الصحابي إذا كان ممن مات في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فكل رواية تابعي عنه هي منقطعة، وإذا كان ممن مات في صدر الخلافة، فلا يقبل إلا رواية كبار التابعين عنه، فإن من دونهم من التابعين روايتهم عنهم منقطعة.
وأما ما يصنعه المتأخرون من اعتماد ثقة الرواة مطلقا، دون مراعاة هذه الأمور، فهذا هو الذي أورثنا اجتراء المبتدعة بالاحتجاج بأحاديث باطلة منكرة.
والمتأخرون لا يعتنون بهذا ولا يقارنون الأسانيد، فلا يقفون على مواضع الاتصال والانقطاع، وكأن هذا العلم مجرد أسانيد ظاهرة، وأنا أقول: لا يحل لعبد ينظر في سند دون مقارنته بنظائره مما له صلة به، حتى يتبين له الاتصال من الانقطاع، وهو الذي عليه مدار العلل في الغالب.
ورواه عطية بن سعد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ... فذكره. أخرجه الطبري في التفسير (25/ 78)،
وهذا باطل؛ عطية متروك.
ورواه يعقوب بن حميد: ثنا عيسى بن الحضرمي بن كلثوم بن علقمة بن ناجية بن الحارث الخزاعي عن جده كلثوم عن أبيه علقمة قال: "بعث إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -الوليد بن عقبة بن أبي معيط يُصَدِّقُ أموالنا .. " الحديث نحوه.
أخرجه ابن أبي عاصم في الأفراد (2335)، والطبراني في الكبير (13/ 6 - 7).
وهذا منكر، يعقوب بن حميد بن كاسب ضعيف، والسند غريب من هذا الوجه.
"رواه الطبراني بإسنادين؛ في أحدهما يعقوب بن حميد بن كاسب، وثقه ابن حبان، وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات ".
ورواه يعقوب بن محمد الزهري؛ مختصراً جداً؛ مع زيادة منكرة،: انصرفوا غير محبوسين ولا محصورين. أخرجه الطبراني في الكبير (18/ 6 - 7).
ويعقوب منكر الحديث.
رواه عبد الله بن عبد القدوس التميمي قال نا الاعمش عن موسى بن المسيب عن سالم بن ابي الجعد عن جابر بن عبد الله. أخرجه الطبراني في الأوسط (3797).
عبد الله بن عبد القدوس ضعيف، وهذا سند منكرن واستنكره الطبراني نفسهن فقال: لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا عبد الله بن عبد القدوس.
وهذه فائدة: فإن الترمذي والطبراني والبزار وابو نعيم الأصبهاني، إذا قالوا عن حديث: لم يروه إلا فلان عن فلا أو تفرد به فلان، فإنهم يعنون نكارة السند، وانه لا أصل له بالإسناد الذي رووه، وهذا يعني آن مثله لا يعتبر به أصلان فتنبه لهذا ولا يغرك عمل المتأخرين فإنهم لا يحسنون هذا الفن، خصوصا العلل، والتفرد.
والحديث رواه الحسن أن رجلاً أتى النبي- صلى الله عليه وسلم - فقال: إن بني فلان - حياً من أحياء العرب وكان في نفسه عليهم شيء - قد تركوا الصلاة وارتدوا وكفروا بالله فلم يعجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعا خالد بن الوليد .. وذكر قصة طويلة. عبد بن حميد.
فلم يذكر من الذي أخبر الرسول- صلى الله عليه وسلم - عنهم.
وهذا الخبر لا يصح، ومراسيل الحسن شر المراسيل.
¥