وَرُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
[رواه] عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَالْمَوْقُوفُ أَشْبَهُ بِالصَّوَاب).
فكيف فهمتَ -بارك الله فيك- أن الدّارقطني جعل رواية علي بن هاشم موقوفة؟؟
هو سُئل عن حديث أبي أمامة المرفوع، فذكر له إسنادان؛
الأول: عن الأعمش حُدّثتُ عن أبي أمامة.
والثّاني: عن الأعمش عن أبي إسحاق عن مصعب عن سعد.
ثم صوّب الحديث بالإسناد الثاني، يعني عن سعد.
فليس في كلامه ما يفيد أن الإسناد الثاني موقوف عن سعد. بل الذي يتبادر إلى الذهن أنه مرفوع مثله مثل حديث أبي أمامة المسؤول عنه.
وليس انتهاء كلامه بسعد، دون ذكر النبي (ص) ما يفيد أنه يعني: "عن سعد من قوله" .. فكثيرا ما يفعلُ ذلك في كتابه لا يذكر النبي (ص) بعد الصحابي اختصارا، ولأن في سياق كلامه ما يدلّ على حذفه .. ألا ترى أنه توقف عند أبي أمامة، و لم يذكر النبي (ص).
لكن لما سُئل عن حديث سعد بخصوصه، أفاض في ذكر طرقه واختلاف رواته، وبدأ برواية عليّ بن هاشم، وجعلها مرفوعة:
قال-كما نقلتَ-: "هُوَ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
[رواه] دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ."
ثم بعد أن ذكر اختلاف رواياته قال:"وَالْمَوْقُوفُ أَشْبَهُ بِالصَّوَاب".
فأنت ترى هنا -بارك الله فيك- أنه جعلها مرفوعة، فأين ما تعقبته في الأول من أنه جعلها موقوفة!!
لعلّ قوله هنا "وَالْمَوْقُوفُ أَشْبَهُ بِالصَّوَاب"، مع قوله هناك عن رواية علي بن هاشم:"وهو الصواب" .. هو الذي شجّعك-بارك الله فيك- على تعقّب هذا الإمام .. ولم تفطنْ أنك بذلك قد نسبته إلى التناقض.
فإن قيلْ: كيف رجح هناك رواية هاشم المرفوعة .. و رجّح هنا رواية من أوقفه، على رواية من رفعه -وفيهم علي بن هاشم-؟؟
أقول: لنكتةٍ لطيفة .. لعل شيخنا التّميمي-حفظه الله- ينقدحُ بها زندُه، فأفرح إن وافقته عليها. ويعلم الله أني ممن يحبه لثلاث وفي ثلاث ..
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[14 - عز وجلec-2010, صباحاً 10:35]ـ
أحبك الإله أبا عبد الإله .. وجمعنا الله وإياكم في جنات النعيم آمين.
أخي الحبيب .. أراك في هذه المرة قد خالفت عهدي بك؛ وتعجلت النظر وقصرت التدقيق! ولكن لا عليق يا محب؛ فهذه هي حلاوة العلم = فمعه يرسخ الفهم وتتضح المعرفة.
سأجيب أولاً على بعضٍ من جمل قولك بإيجاز غير مخلٍ إن شاء الله؛ ومن ثم أعقب على ما فهمت من كلامي؛ فأقول:
قولك وفقك الله: (وليس انتهاء كلامه بسعد، دون ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ما يفيد أنه يعني: "عن سعد من قوله .. " فكثيرا ما يفعلُ ذلك في كتابه لا يذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعد الصحابي اختصارا، ولأن في سياق كلامه ما يدلّ على حذفه .. ألا ترى أنه توقف عند أبي أمامة، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم).
أقول: ليس هذا ديدن الإمام ولا كثير فعله. فتأمل
وما عهدته يفعل هذا بهذه الصورة؛ ومن أجل هذا الفهم الذي أفهمت به!
فهذه نقطةٌ مهمة أحببت البداءة بها غفر الله لي ولك حتى يتبين الأمر ويتضح في منهج الإمام رحمه الله قبل كل شيء.
بل المعروف من عادته ومنهجه رحمه الله أنه يوصل السند إلى منتهاه؛ وصلاً أو وقفا، ومن ثم ينبه على علله، وبعدها يرجح الصواب فيه .. ولن أطيل في هذه النقطة؛ ففي هذا التنبيه لفته.
قولك وفقك الله: (هو الذي شجّعك-بارك الله فيك- على تعقّب هذا الإمام .. ولم تفطنْ أنك بذلك قد نسبته إلى التناقض).
أقول: وفيك بارك .. ولكن أفيدك مبدئياً كمعلومة عامة: أنه لا معصوم من البشر إلا الأنبياء والرسل، ومهما بلغ غيرهم من العلم والصلاح والدين والعفة = فليس بمعصوم أبدا.
فإذا علمت هذا رحمني الله وإياك = عرفت أننا لم نتشجع عن جبنٍ أو جهلٍ أو تردد سابقات، فما أحسنّا العبارة، وألطفنا الإشارة؛ إلا لمكانة هذا الإمام الفذ .. ولا يعني هذا عدم جواز الخطأ؛ ثم عدم جواز الرد!!
¥