«نَصَائحٌ لحملة القرآن»،لِسَمَاحَة المُفْتِيّ العَلاَّمَةِ عَبدِ العَزيز آل الشّيخ

ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[06 - Jul-2007, مساء 08:53]ـ

«نَصَائحٌ لحملة القرآن»،

لِسَمَاحَة المُفْتِيّ العَلاَّمَةِ عَبْدِ العَزِيزِ بن عبدِ اللَّهِ بنِ مُحَمَّد آل الشَّيْخ

مُفتي عام المَملكة العَربيّة السّعوديّة

ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

ـ سَلّمهُ اللَّهُ ـ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فإن من نعم الله على العبد أن يجعله من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وهم أفضل عباده الذين أورثهم الله الكتاب العزيز، ووفقهم فتلوا هذا القرآن حق تلاوته، ووفقهم فعملوا بهذا القرآن ووفقهم فاستضاءوا بنور القرآن، قال جل وعلا: ? وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ? [سورة الشورى الآية 52]، فاستضاء بنور القرآن، واهتدى بهدي القرآن، وتأدب بآداب القرآن، فكان القرآن حلته وكان القرآن لباسه: ? وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ? [سورة الأعراف الآية 26].

وإن الله تعالى شرف هذه الأمة المحمدية، وخصها بخصائص لم تكن لأمة قبلها اختار لها سيد ولد آم ولا فخر، محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ فجعله خاتم الأنبياء والمرسلين، وسيد ولدم آدم، فنالت الأمة المحمدية بفضل هذا النبي الكريم فضائل عظيمة، وتبوأت مكانة عليا، قال جل وعلا: ? كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ? [سورة آل عمران الآية 110] واختار لها دينها فهو أكمل الأديان وأتمها؛ لأنه الدين الكامل الباقي إلى قيام الساعة.

ومعجزات الأنبياء قبلنا انتهت بموتهم، واختار الله عز وجل القرآن كتابا لهذه الأمة فهو كتاب الله الذي تكلم الله به وسمعه جبريل من رب العالمين وبلغه جبريل سيد الأولين والآخرين، وبلغه محمد صلى الله عليه وسلم أمته وتوارثه المسلمون خلفا عن سلف محفوظا بحفظ الله، لا يمكن أن تتطرق إليه أيدي العابثين زيادة أو نقصانا، أو تبديلا أو تغييرا، رغم العداوة المتمكنة من القلوب، والحقد على هذا الدين وأهله، ولكن الله حفظه كما حفظ إنزاله، فوجبت السماء بالشهب حتى لا يسترق الشياطين الوحي، ثم حفظ في صدور الرجال وفي المصاحف، وهيأ الله له حملة حملوه فحفظ بحفظ الله له فلم يستطيع أي مضلل، ولا أي مكابر أن يقدح في هذا القرآن، فيزيد أو ينقص، أو يبدل أو يغير، ومن أراد ذلك فسينفضح، وينكشف خزيه بإرادة الله ـ جل وعلا ـ.

فمعجزات الأنبياء انقرضت بانقراضهم، أما معجزة هذا النبي فمعجزة باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين يقول صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)) أخرجه مسلم، هذا القرآن هو حبل الله، من تمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، هذا الكتاب هو نظام هذه الأمة ودستورها الذي تحكمه وتتحاكم إليه، ونهج حياتها الذي يصدرون عنه، وحجة الله عليهم: ? وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ? [سورة الأنعام الآية 19].

وإن هذا القرآن شرف لحملته، ورفعة لهم في الدنيا والآخرة، إن هم تلوه بإخلاص، وإن هم تقربوا إلى الله بحفظه بإخلاص، وزينوا به ألسنتهم، وإن هم تلوه حق التلاوة، فحملهم القرآن على كل خير، وأدبهم القرآن الأدب النافع، وتربوا على مائدة القرآن تربية صالحة نافعة، تربية قوية، تربية تتصل بالروح والجسد معا، إن التربية على آداب القرآن هي التربية الناجحة، وهي النافعة المؤثرة، وهي التربية التي تقود أهلها لكل خير، وتحلق بهم في فضاء الخير، وتجعلهم على منهج قويم وصراط مستقيم.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015