العبارة الرابعة في العنوان، قال: " من السنن ".

والمقصود بها أحاديث رسول الله (سواء كانت متعلقة بالأحكام أو بغيرها، بالطبع هذا الكتاب يعتبر من كتب الجوامع، وليس من كتب السنن التي اعتنت فقط بأحاديث الأحكام، بدليل أنه أورد فيه كُتُبًا لا علاقة لها بأحاديث الأحكام، مثل: كتاب " الفضائل "، وكتاب " صفة الجنة "، وكتاب " صفة النار "، وكتاب " التفسير " الذي هو من أصغر كتب " صحيح مسلم "، وهو آخر كتاب في " صحيح مسلم "؛ كتاب " التفسير " للإمام مسلم.

الكلمة الأخيرة في عنوان الكتاب: " بنقل العدل عن العدل ".

--------------------------------------------------------------------------------

وهذا في تأكيد على شرط الرواة؛ وأنه لن ينزل رواة كتابي على درجة المقبولين.

وأنبه هنا إلى فائدة أن العدل يطلق عند المحدثين ولا يريدون بها العدالة الدينية وحدها، إذا أَطْلَق المحدث على راوٍ فقال: هو عدل. فيقصد أنه عدل في دينه عدل في روايته، أي: عدل ضابط، أي: ثقة. وهذا يدل عليه عنوان الإمام مسلم، وهذا سينفعنا مع ابن خزيمة وشرطه في الصحيح؛ لأنه تُكُلِّم في شرطه بسبب أنه استخدم مثل هذه العبارة وقيل أنه لا يشترط الضبط لكونه اكتفى باشتراط العدالة، فنريد أن نؤكد أن هذه ليس بصحيح، وإذا صح أن نحتج بكلام ابن خزيمة على أنه لا يشترط الضبط يلزم أن نفعل ذلك مع " صحيح مسلم " وهذا لا قائل به؛ أن مسلمًا إنما يشترط العدالة فقط دون الضبط هذا لم يقل به أحد، وكلام مسلم في مقدمة الصحيح وفي كل كتبه صريح بخلاف هذا الكلام، وهذا أصلًا رأي لا يمكن أن يقول به أحد من أهل الحديث ممن يعرفون أن الراوي لا يمكن أن يُقبل إلا إذا جمع هذين الأمرين: العدالة والضبط.

طبعًا أيضًا هذه عبارة ترد على من ادعى أن المحدثين إذا قالوا عدل يقصدون بها العدالة الدينية، وممن قال ذلك الإمام السخاوي في كتاب " فتح المغيث "، لكن تصنيفات المحدثين تدل على أنهم يطلقون العدل ويقصدون به الثقة، أي العدل في الدين وفي الرواية، إلا إذا قيدوا فقالوا: عدل إلا أنه سيئ الحفظ، صالح في الدين إلا أنه كذا .. عندها يحمل على ما ذكروا، لكن إذا أطلقوا العبارة، إذا سأل أحد طلبة الحديث في ذلك الزمن أحد أئمة الجرح والتعديل فقال له: ما رأيك في فلان؟ فقال له: عدل.

يعني: أنه ثقة عدل ضابط، إلا إذا قيد فقال: هو عدل لكنه ليس بحافظ. فعندها نحمل هذا التعبير على أنه مختص بالعدالة الدينية.

عناية العلماء بـ " صحيح مسلم ":

--------------------------------------------------------------------------------

تقدم ذكر بعض أنواع العنايات في مثل كتاب " التتبع " والكتب التي انتَقَدَت، وغيرها من الكتب التي سبق ذكرها أثناء كلامنا السابق.

نذكر الآن بعض الأمور التي لم تذكر سابقًا:

أولًا: عناية العلماء برجال مسلم:

1 - وقلنا – لما تكلمنا عن البخاري - أن هناك كتاب للدار قطني جمع فيه بين رجال البخاري ومسلم، رجال البخاري كانوا في كتاب ورجال مسلم في مجلد آخر.

2 - أيضًا للحاكم في كتابه " المدخل إلى معرفة الصحيح "؛ بَيَّن فيه من انفرد بالإخراج لهم البخاري ومن انفرد بالإخراج لهم مسلم ومن اتفقا عليه من الرواة.

3 - أيضًا كتاب ابن طاهر المقدسي " رجال الصحيحين ".

4 - ثم الكتب التي تلت ذلك، مثل: " تهذيب الكمال "، و" تهذيب التهذيب "، وغيرها التي جمعت رجال الصحيحين مع بقية أصحاب الكتب الستة.

خصَّ ابنُ مانجويه - أحد العلماء - مسلمًا بالتأليف فأَلَّفَ " رجال صحيح مسلم "، وهو أحمد بن علي الأصبهاني الشهير بابن مانجويه، المتوفى سنة ثماني وعشرين وأربعمائة من الهجرة، وهو كتاب مطبوع، وهو في هذا الكتاب كثيرًا ما يتَّبع ابن حبان في ترجمة للرواة، يكاد ينقل ترجمة ابن حبان في كتابه " الثقات " كما هي في كتابه، حتى إذا أخطأ ابن حبان يتابعه ابن مانجويه تمامًا في هذا الكتاب.

اعتنى أيضًا العلماء بذكر شيوخ الإمام مسلم والبخاري، وسبق بعض الكتب المتعلقة بالبخاري، ونذكر الآن كتابين متعلقين بشيوخ مسلم مع البخاري، منهم:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015