وأخرجه ابن خزيمة (ج2 ص157 - 158) من طريق أحمد بن المقدام العجلي نابشر ــ يعني ابن المفضل ــ ثنا أبو سلمه عن أبي نضرة عن ابن عباس قال: زرت خالتي ميمونة، فوافقت ليلة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بسحر طويل، فأسبغ الوضوء، ثم قام يصلي، فقمت فتوضأت، ثم قمت إلى جنبه فلما علم أني أريد الصلاة معه أخذ بيدي فحولني عن يمينه، فأوتر بتسع أو سبع، ثم صلى ركعتين ووضع حنبه حتى سمعت ضفيزه، ثم أقيمت الصلاة فانطلق فصلى)) ومعنى ضفيزه أي غطيطه (انظر لسان العرب). قال أبو بكر: هاتان الركعتان اللتان ذكرهما ابن عباس في هذا الخبر يحتمل أن يكون أراد الركعتين التي كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصليهما بعد الوتر كما أخبرت عائشة، ويحتمل أن يكون أراد بهما ركعتي الفجر اللتين كان يصليهما قبل صلاة الفريضة.
قلت: الأمر كما يقول ابن خزيمة كله محتمل والله أعلم.
قال ابن القيم في ((زاد المعاد)) (ج1 ص 82): ومنهم من أنكر فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لها وقال الصحيح أن اضطجاعه كان بعد الوتر، وقبل ركعتي الفجر كما هو مصرح به في حديث ابن عباس.
قلت: وقد تقدم الرد عليهم فلله الحمد والمنة.
وقال الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) (ج3 ص44): تقدم في أول أبواب الوتر في حديث ابن عباس، أن اضطجاعه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقع بعد الوتر قبل صلاة الفجر، ولا يعارض ذلك حديث عائشة لأن المراد به نومه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين صلاة الليل وصلاة الفجر وغايته أنه تلك الليلة لم يضطجع بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح فيستفاد منه عدم الوجوب أيضاً. ا. هـ.
ونقل الشوكاني عن النووي رحمه الله تعالى كما في ((نيل الأوطار)) (ج3 ص26):
ويحتمل أن يكون الاضطجاع قبلهما هو نومه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين صلاة الليل وصلاة الفجر. ا. هـ.
قلت: بالنسبة لنومه هذا قال البخاري رحمه الله (ج3 ص 16) باب من نام عند السحر:
حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا عمرو بن دينار أن عمرو بن أوس أخبره أن عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال له: ((أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوماً ويفطر يوماً)).
وأخرجه أيضاً في تسعة عشر موضعاً من ((صحيحه)).
وأخرجه مسلم (ج1 ص 816) وابن ماجة (ج1 ص 546) حديث رقم (1712) وأحمد (ج2 ص 160).
ومما يحتمل نومه أو اضطجاعه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد الوتر ما ثبت أيضاً من حديث عائشة في البخاري (ج3 ص 32)، قال رحمه الله: حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة ــ وحدثني سليمان قال: حدثني شعبة ــ عن أبي إسحاق عن الأسود قال: سألت عائشة رضي الله عنها كيف صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالليل؟
قالت: كان ينام أوله، ويقوم آخره، فيصلي، ثم يرجع إلى فراشه، فإذا أذن المؤذن وثب، فإن كانت به حاجة اغتسل وإلا توضأ وخرج.
وأخرجه مسلم (ج1 ص 510) والنسائي (ج3 ص 320) وغيرهم وقد تقدم ...
باب الأمر بالاضطجاع بعد ركعتي الفجر وبيان شذوذ حديث أبي هريرة بالأمر به
قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى في كتاب الصلاة (ج2 ص 47) باب الاضطجاع بعدها ــ أي ركعتي الفجر:
حدثنا مسدد وأبو كامل وعبيد الله بن عمر عن ميسرة قالوا: حدثنا عبد الواحد حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح فليضطجع على يمينه)) فقال له مروان بن الحكم: أما يجزئ أحدنا ممشاه إلى المسجد حتى يضطجع على يمينه؟ قال عبيد الله في حديثه: قال: لا قال فبلغ ذلك ابن عمر فقال: أكثر أبو هريرة على نفسه، قال: فقيل لا بن عمر: هل تنكر شيئاً مما يقول؟ قال: لا ولكنه اجترأ وجبنا، قال: فبلغ ذلك أبا هريرة قال: فما ذنبي إن كنت حفظت ونسوا.
¥