نكتة: هشيم معروف بتدليس العطف، قال له أصحابه ذات يوم نريد أن تحدثنا اليوم شيئاً لا يكون فيه تدليس فقال: خذوا ثم أملى عليهم مجلساً يقول في كل حديث منه حدثنا حصين ومغيرة عن إبراهيم ثم يسوق السند والمتن فلما فرغ قال: هل دلست لكم اليوم شيئاً؟ قالوا: لا قال: بلى كل ما قلت فيه وفلان فإني لم أسمعه منه. ا. هـ انظر ((تدريب الراوي)) (ج1 ص 226) وكذا في ((النكت)) للحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى.

فهذه الآثار كما عرفت لم تثبت وراجع أيضاً ((مجمع الزوائد للهيثمي)) (ج2 ص 219)، ولو ثبت عنهم فليسوا بحجة وأيضاً لعله لم يبلغهم فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذا الاحتمال الأخير ذكره الحافظ في ((الفتح)) (ج3 ص 45) عندما ذكر قول إبراهيم النخعي: ((هي ضجعة الشيطان)).

باب هل الاضطجاع في المسجد بدعة

قال المحدث أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي في رسالته ((إعلام أهل العصر)) (ص 71) في رده على من قال: تستحب في البيت دون المسجد، وهذا الاستحباب مروي عن بعض السلف كما في ((فتح الباري)) (ج3 ص 44): لا شك أن الضجعة في البيت أولى وأفضل كما أن أداء السنن في البيت أكمل، لكن هذا لا يستلزم، أن الضجعة في المسجد لا تفضي إلى درجة الاستحباب، بل هي تابعة لركعتي الصبح، إن ركعهما في البيت اضطجع هنا، وإن ركعهما في المسجد اضطجع فيه، وإن خالف لا يضره، لأنه ليس فيها تحديد بموضع دون موضع، بل تحصل السنة بإتيان الفعل سواء كان في البيت أو المسجد وإن كان في البيت أفضل وأكمل.

قلت: وهو الحق إن شاء الله تعالى فإن المانعين أو القائلين ببدعيتها لا دليل لهم اللهم إلا الآثار التي سبق ذكرها وبيان حالها وإنما لا تصح فأقول كما قال القائل: ((ثبت عرشك ثم انقش)).

باب الحديث بعد ركعتي الفجر

قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى (ج3 ص 43): باب من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع: حدثنا بشر بن الحكم حدثنا سفيان قال: حدثني سالم أبو النضر عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا صلى، فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلاَّ اضطجع حتى يؤذن بالصلاة.

وتقدم تخريجه في أول باب الاضطجاع سنة وليس بواجب.

وأخرجه أيضاً (ج3 ص44) في باب الحديث بعد ركعتي الفجر من طريق علي بن عبد الله المديني عن سفيان نحوه.

فمن هذا الحديث يؤخذ جواز التحدث بعد ركعتي الفجر سواء كان كلاماً عادياً أو قراءة قرآن، وسواء كان الكلام في البيت أو في الطريق أو في المسجد، وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) (ج2 ص 249) فقال: حدثنا عبد الله ابن نمير عن حجاج عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة قال: ما من أحد أكره إليه الكلام بعد ركعتي الفجر حتى يصلي الغداة من ابن مسعود.

وقال أيضاً: حدثنا وكيع قال: حدثنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة قال: كان عبد الله يعز عليه أن يسمع متكلماً بعد الفجر يعني بعد الركعتين إلا بالقرآن أو بذكر الله حتى يصلي. وأخرجه الطبراني في ((معجمه الكبير)) (ج9 ص 329) من طريق أبي عبيدة أيضاً.

وقال الطبراني في ((معجمه الكبير)) (ج9 ص 329): حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال ثنا حماد بن سلمة عن الحجاج عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة قال: لم تكن ساعة من الساعات أشد على ابن مسعود أن يسمع فيها متكلماً من لدن انشقاق الفجر إلى طلوع الشمس.

قلت: هذه الآثار منقطعة، أبو عبيدة لم يسمع من ابن مسعود وفي الأثر الأخير حجاج بن أرطأة وهو كثير التدليس وقد عنعن، قال الحافظ في ((الفتح)) (ج3 ص 45): ولا يثبت.

وقال الطبراني في ((معجمه الكبير)) (ج9 ص 330): حدثنا إسحاق ابن إبراهيم عن عبد الرزاق عن ابن التيمي عن ليث عن مجاهد قال: مر ابن مسعود برجلين يتكلمان بعد طلوع الفجر فقال: يا هذان إما أن تصليا وإما أن تسكتا.

قلت: ليث هو ابن أبي سليم وهو مختلط ومجاهد هو ابن جبر ولم يسمع من ابن مسعود كما في جامع التحصيل فالأثر منقطع.

وقال أيضاً (ج9ص330): حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال: خرج ابن مسعود على قوم يتحدثون بعد الفجر فنهاهم عن الحديث وقال: إنما جئتم للصلاة فإما أن تصلوا وإما أن تسكتوا.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015