فأقول بصراحة إن الحميري شريك في جريمة وضع الكتاب، لأنه علم أن الكتاب منسوخ حديثاً، وأنه مستنسخ عن نسخة في الاتحاد السوفييتي السابق فيما زُعم، ومع ذلك لم يذكر هذا في مقدمته مطلقا، مع أن الناسخ كتب أنه نسخ الكتاب سنة 933 من الهجرة! وهذا كافٍ لوحده في كشف تزوير النسخة وإسقاطها، وإسقاط من عَلِم بذلك ودلّسه على الناس، بل ذهب الحميري أمراً أبعد من ذلك في سبيل تسوية أمر النسخة، فمع علمه بما سبق أخذ يدلّس ويزعم في مقدمته أن المخطوط من خطوط القرن العاشر فعلا، ويعقد المقارنة الفاشلة بين مخطوطه المزور وغيره من نماذج خطوط ذلك القرن! فمعنى ذلك أنه عالمٌ بأمر النسخة وعيوبها الفاضحة لها، وإلا لما احتاج أن يتستر على تلك العيوب ويكتمها عمداً، ثم يدلّس ويسوّي أمر النسخة.
ولا فرق عند علماء الحديث بين من وضع ابتداء، وبين من سرق هذا الموضوع وروّجه عالماً به، فكلاهما يحكمون بأنه كذاب!
حتى لو لم يكن يعلم الحميري بتزوير الكتاب (وهو عالم!) فواجبه أن يتثبت في نشر الحديث، للأمر النبوي والوعيد الشديد فيه، أما أن يُعرَّى حال الكتاب أمامه ويُعلَّم ويُلَقَّن كيف يفحص المخطوط، ثم يعاكس ذلك كله فهذا الصنيع أخو الكذب والوضع الأصلي، وهو تواطؤ مع الواضع.
إن أمامَنا تسلسل في عملية التدليس والتلبيس بحال الكتاب قبل إخراجه، بدأت من وجوده عند طائفة متهمة وهي البريلوية (3)، وليس في مكتبة معروفة، وفي بلد تتبع فيها مشايخها المعتنين بالحديث نسخ
------------------------------
تعليق (3): ومن شاء أن يعرف مدى انحراف هذه الطائفة فليطالع كتاب البريلوية للشيخ الشهيد -إن شاء الله- إحسان إلهي ظهير، وترجمة رأس طائفتهم أحمد رضا خان البريلوي للعلامة عبد الحي الحسني وابنه مجيزنا أبي الحسن الندوي في نزهة الخواطر (8/ 49 - 52)، فذُكر عنه العجائب في تكفير مخالفيه من أئمة الديوبندية وغيرهم، وغلوه البالغ في جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم، حتى سُمّي: (عبد المصطفى)! وكذلك غلوه في القبورية والخرافات!
وقد رأيتُ بنفسي في الهند ما يسميه أتباعه أعياد القبور أو (أعراس القبور!)، وكنت أشاهد الزحام الشديد في القطارات أيامها لزيارة القبور من عوام البريلوية والهندوس معاً! والجميع يتوسل وينذر ويشرك بهذه القبور، وحصل بيني وبين أحد الأطباء الهندوس نقاش هناك حول الإسلام، فقال لي: لا فرق بيننا وبين المسلمين، كثير من مقدساتنا مشترك، وعباداتنا عند القبور واحدة، وعاداتنا متشابهة، وكان كل كلامه منصباً على البريلوية!
ولا عجب أن يكون عوام البريلوية هكذا إذا كان علماؤهم -بل مثل من وصفه الحميري بالشيخ الصالح الفاضل! محمد أمين بركاتي قادري- يكذبون ويفترون على رسول اله صلى الله عليه وسلم!
اللهم اهد ضال المسلمين، وادفع شرور المضلين والمفسدين.
------------------------------
الكتاب منذ زمن أنور الكشميري إلى تلميذه الأعظمي (كما في مقدمة المصنف الحقيقي!)، ثم تملك الحميري الكتاب المزور، وإعلامه بتزوير المخطوط وكذب ما فيه، وثبوت ذلك بعد قليل من السؤال (عبر قصة نسخه من مكتبة احترقت في الاتحاد السوفييتي، بينما كُتب أنه نُسخ سنة 933!)، ومع هذا حاول الحميري جاهداً صرف النظر عن عوار النسخة بأمور لا تنطلي إلا على أمثاله، وطوّل النقول (وغالبها عن الغماريين) في مقدمته (ص36 - 50) في أن غرابة المتون وركاكتها لا تقتضي الوضع والنكارة، بعد ذلك تهيأ للحميري تصحيح موضوعات الجزء، وقد فعل، فصحح؛ واستدل؛ واعتقد؛ ونشر؛ ودعا!!
وما دام أن الحميري ناشر هذا الكذب؛ ومُخرجه للناس؛ والملبّس عليهم بصحته؛ فهو يتحمل تبعته، ويجده في صحيفته إن شاء الله، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
فلا يُستغرب أن كتب الحميري على غلافه الداخلي: "جميع الحقوق محفوظة للمؤلف"، فهل مؤلفه صاحب الحقوق عبد الرزاق أم ... ؟!
• ومن صور تدليس الحميري أن يكتب على غلاف الكتاب الداخلي أنه طُبع سنة 1425هـ ويؤكده بالتاريخ النصراني 2005م، والواقع أن الكتاب طُبع حديثاً آخر سنة 1426، بدليل مقدمة ممدوح المؤرخة في 22 ربيع الآخر سنة 1426!! وتاريخ نزول الكتاب للأسواق!
تواطؤ محمود سعيد ممدوح في الجريمة:
¥