إن أعمال الحميري في إخراج الكتاب تذكرنا بالمثل (كاد المريب أن يقول خذوني)، فاحتاج إلى من يتابعه حتى لا ينفرد بالجناية، ولم يجد لهذا الأمر المهين سوى محمود سعيد ممدوح المصري، فكتب هذا مقدمة للكتاب (ص3 - 4)، الشاهد منها هو قوله إن صاحبه الحميري: "تحصّل على القسم المفقود من المصنف، وقد رأيتُه في مكتبته مخطوطاً، وقد وصف الشيخ المخطوط في تحقيقه بما يُثبت الثقة فيه .. فجزاه الله تعالى خيراً وأحسن إليه، وشرح صدره لكل عمل صالح، وهو جهدٌ يُشكر عليه، فلله درّه".

متابعة تامة في إثبات النسبة لعبد الرزاق، وأن المخطوط المزور ثبتت الثقة فيه، وأن عمل الحميري جهدٌ مشكور يُوافقه عليه! ولله درّه!!

من الممكن تصديق أن الحميري جاهل بالحديث ولا أسهل من انطلاء كتاب موضوع عليه، أما محمود سعيد ممدوح؟ فلا وربّي إن مثل ذلك لا يخفى عليه، كيف وهو يقدّس ويغلو في أشياخه الغماريين وآثارهم، وهناك رسالة مستقلة لشيخه عبد الله الغماري في إبطال حديث جابر في النور المحمدي، وأن نسبته لمصنف عبد الرزاق كذب؟!

كان على ممدوح أن ينأى بنفسه عن إسقاط نفسه وترويج هذا الكذب الصراح ونسبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم -فضلا عن عبد الرزاق- مقابل ارتزاق دريهمات من ربِّه في العمل!!

وقد قال الإمام الشافعي -الذي يزعم ممدوح تقليده- عن حديث "من حدّث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين": إذا حدّثت بالحديث فيكون عندك كذبا ثم تحدّث به فأنت أحد الكاذبين في المأثم.

ولا يخفى ممدوح (4) ما هو مأثم الكاذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا صاحبُه الحميري، ولكنه الهوى المُردي والإغراق في الضلال، والعياذ بالله.

نسأل الله أن يعصمنا من الهوى والضلالة، وأن يحفظنا من الموبقات والمهلكات، وأن يرزقنا اتباع السنّة والعمل بها ونصرتها، إنه سميع مجيب.

-----------------------------------

تعليق (4): ونعوذ بالله من الحور بعد الكور، فبعد أن كان محمود سعيد ممدوح متتلمذاً مستفيداً من كتب الإمام الألباني، مُشتغلا بالسنة: بدأ معه الانحراف لغلوه في الغماريين، ثم زاد معه الانحراف، إلى أن صار يتملق لشتى أهل الأهواء، حتى أصبح ظهيراً للقبوريين والخرافيين والشيعة، ومن آخر ذلك هذا المصنف مع سيده الحميري، وكتابه (غاية التبجيل) الذي ألّفه نفاقاً لبعض المنتسبين لآل البيت، وخلص فيه لتفضيل علي بن أبي طالب على أبي بكر وعمر رضي الله عن الجميع! نسأل الله الهداية والعافية.

-----------------------------------

كشف علل المخطوط على ضوء ما ذكره الحميري نفسه:

كنتُ قد بيّنتُ كذب المحطوط عبر القرائن في كتابتي الأولى، وذلك قبل علمي بالمعلومات المفصّلة من الشيخ الكمداني التي فيها النص والتصريح بحاله، ومع ذلك فأرى من الضرورة إثبات القرائن التي ذكرتُها مع بعض التنقيح، لأنني لا آمن من مجرمين مثل الحميري وممدوح أن يكذّبا الشيخ أديب فيما ذكره، ويستخدما شتى ضروب التلبيس والتدليس في دعم جريمتهما، فمن استحل الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتواطأ عليه فلا يُستبعد عليه إطلاقا الكذب على الناس، وقد رأيتُ بعض ذلك من محمود سعيد ممدوح -على الأقل- في بعض حواراته في شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، فهذه القرائن ذكرتُها على ضوء ما أورده الحميري نفسه في كتابه!

أقول مستعينا بالله:

أولاً:

إن تفرد نسخة الكتاب ما بين قادرية الهند والحميري كافٍ للتشكيك بمصداقية الكتاب، لأن طائفة القادرية هناك (وهي البريلوية) من غلاة الطرقية الذين يعتقدون ويدعون لأولية النور المحمدي، ولما عرضتُ الكتاب على الشيخ المحدّث المحقق عبد القدوس محمد نذير الهندي قال: ما دام الكتاب خرج من عند قادرية الهند فلا شك أنه من عمل أيديهم، فهم يمتحنون الناس في هذه المسألة عندنا، وهي من أسس دعوتهم واعتقادهم، ومن أبرز ما يخالفون فيه، هم وأصحاب الطريقة الجشتية.

قلت: هذا الاعتقاد الردي يشاركهم فيه الحميري، فقد سوّد كتاباً مستقلاً في هذا الشأن أحال عليه في مقدمة الكتاب وتعليقاته المظلمة مراراً، بل صرّح أنه لم يدفعه لإخراج الكتاب إلا هذه المسألة.

ومن العجب تتبعه لهذا الحديث مع تضافر أسياده قبل غيرهم على أنه كذب!

وصدق شعبة إذ قال: لا يجيء الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015