الشيخ أديب الكَمَداني أحد المشتغلين بعلم الحديث ومخطوطاته في دمشق، وله رسائل وتحقيقات حديثية، وهو أبرز أصحاب الشيخ فريد الباجي التونسي، انتقل منذ سنوات للعمل باحثاً شرعياً في أوقاف دبي، وإماماً وخطيباً في بعض مساجدها، فكانت له صلة عمل مباشرة مع الحميري قبل أن يُطرد الأخير من رئاسة أوقاف دبي.

وكان وصلني عنه طرفٌ من أخبار المخطوط عبر أحد أصحابه وأصحابنا من طلبة العلم البارزين في دمشق، ثم يسّر الله التحدث معه مطولاً عبر الهاتف من منزل صاحبنا المشار إليه، وكان في المجلس غيرهما من طلبة العلم، وذلك ليلة الجمعة 11 محرم 1427.

فحدثني الشيخ أديب عن المخطوط، وكان مما أخبرني (وروايتي بالمعنى): نظراً لشغف الحميري وولعه الشديد بحديث النور، وسؤاله عن مخطوطات مصنف عبد الرزاق؛ أحب بعض من لا خلاق له من بريلوية الهند أن يُتحفه به، فزوّر المخطوط، وأرسل له مجلدين منه، ولما وصل المخطوط من الهند فرح الحميري به فرحاً شديداً، وأولم لأجله وليمة كبيرة!

وعرض الحميري المخطوط على الكمداني ومحمود سعيد ممدوح، فأصر الأول على أنه مفترى، وقال إنه موضوع حديثاً جداً بالنظر لورقه وخطه، فضلا عن المتون التي فيه بتلك الأسانيد، وقال لي الشيخ أديب: إنني لا أعطي للمخطوط عمراً أكثر من سنتين أو نحو ذلك! وكان الحميري مصراً على استبعاد مسألة الوضع، أما ممدوح فكان يحاول إرضاء الاثنين والتوفيق بينهما!

وقال لي الشيخ أديب إنه طلب من الحميري أن يقوم بفحص المخطوط في مركز جمعة الماجد في دبي لتأكيد حكمه بالتزوير، ونظراً لحداثة كتابة المخطوط فقد طالب الحميري أيضاً أن يطلب ممن أحضر له المخطوط أن يذكر له الأصل المنسوخ منه، فلما سئل أجاب: إن مخطوطه نُسخ من مكتبة في الاتحاد السوفييتي، واحترقت المكتبة في الحرب!! (2) ثم طالبهم بتكملة المصنف الذي أرسلوا منه مجلدين فقط، فلم يردوا عليه! وطلب الشيخ أديب من الحميري صورة من المخطوط فأبى الحميري!

----------------------------

تعليق (2): قارن بين هذا الكلام وبين ما كُتب آخر النسخة المزعومة أنها نُسخت ببغداد سنة 933! وتأمل هذا مع إلحاح الحميري في مقدمته أنها من خطوط القرن العاشر، وكتمانه لأمر نسخة الاتحاد السوفييتي وحداثة النسخ منها!

وهكذا يُكتشف الكاذب من تضارب أقواله!

-----------------------------

وقال الشيخ أديب إن هذا الكلام كان سنة 2001 بتقويم النصارى تقريباً، وبعدها أُخرج الحميري من الأوقاف، فلم يلتق معه بعدها إلا مرتين أو ثلاثة، وأرسل له أخباراً في أن يقوم بتخريج الكتاب له، وقابلها بالرفض، ثم رأى الكتاب مطبوعاً سنة 2005م.

ويرى الشيخ أديب أن الحميري ليس له علاقة مباشرة في تزوير المخطوط، وأنه كان يجهل وضعه ذلك الوقت، بخلاف محمود سعيد ممدوح!

وقلت للشيخ أديب: هل تأذن لي بنقل هذا الكلام عنك، وهل تخشى أن يصيبك حرج في ذلك؟ فقال: أنا مسؤول عن كلامي هذا، ولا مانع من نقله عني، وإن شئت كتبتُ لك إفادتي خطياً، لأن التحرير أضبط في العبارة من المذاكرة.

فهذا ما ذكره لي الشيخ أديب، جزاه الله خيرا على موقفه الشجاع هذا وإفادته وإبرائه لذمته، وأسأل الله أن يسدده ويوفقه لما يحب ويرضى.

هل كان الحميري ومن معه يجهلون حال الكتاب؟

هذا سؤال مهم بعد معرفة ما سبق، وما يلحق من كلام على أسانيد ومتون الكتاب، ووجود جماعة من أهل العلم من أيام السيوطي إلى يومنا صرّحوا أن حديث جابر في النور (على الأقل) لا إسناد له، بل هو كذب مفترى.

لقد حاول الشيخ الكمداني كثيراً ثني الحميري ومن معه عن إخراج الكتاب، وأعلمهم بحاله، ولكن الحميري أبى إلا أن يخرجه، فماذا يسمى هذا؟

نعم، أفاد الشيخ الكمداني أن الحميري كان يجهل حال الكتاب وقت وصوله إليه، فهل استمر ذلك الجهل عند الحميري من ذلك الوقت إلى خروج الكتاب، وهو أربع سنوات على الأقل؟

يظهر لي بجلاء أن الجواب: لا! لماذا؟

لأن الحميري لو كان جاهلا به لأخرجه كما هو، دون مقدمة كلها إصرار متعمد على تمشية الكتاب، ولذكر ما له وما عليه في الكلام على حديث النور، وهو يعلم كلام أسياده الغماريين عن الحديث! لكنه كتم كل ما يشوش عليه أمره، بل ردَّ على من تكلم على حديث النور! ولبّس في ذلك ودلّس.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015