التعليق على كتاب التمييز للإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله (1)

ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[01 - 07 - 02, 02:31 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

فقد طبع كتاب التمييز للإمام مسلم بن الحجاج طبعتين

الأولى بتحقيق الشيخ محمد مصطفى الأعظمي

والتاني بتحقيق الشيخ صبحى حسن حلاق

وقدطبعاه على نسخة خطية وحيدة ناقصة

والظاهر أنه مختصر لكتاب التمييز وليس كتاب التمييز وهذا ظاهر جدا لمن تأمل الكتاب

وقد يكون مختصره هو الإمام ابن عبدالبر فقد ذكر في ترجمته أن له مختصر لكتاب التمييز لمسلم

وقد قرأت الكتاب عدة مرات من طبعة الأعظمي ثم وقف على طبعة صبحي حسن حلاق! وغالب تعليقاته مأخوذة من الأعظمي ولم يشر إلى طبعته وقد كتب عنوان الكتاب

(الأول من كتاب التمييز لمسلم!) يطبع لأول مرة!!!

وقد صورت المخطوطة الوحيدة فيما أعلم من جامعة أم القرى من مصوراتهم للظاهرية

وقارنتها بالطبعتين فوجدت فيمها سقط وتحريفات وغير ذلك

وقد عزمت بعون الله على التعليق على الكتاب والاجتهاد في تصحيحه قدر الاستطاعة وبدأت في ذلك قبل عدة أعوام

ثم عرضت الأمر على شيخنا عبدالله السعد حفظه الله فأخبرني بأنه قد شرح كتاب التمييز في أشرطة وطلب مني تفريغها وإلحاقها بالكتاب بعد التصحيح والمراجعة

وقد تم تفريغها منذ مدة ثم أرسلناها للصف وقد تأخرت والله المستعان

فأحببت هنا أن أنشر كتاب التمييز مع ما كتبته عليه من تعليقات للفائدة

ولعلي أنشره تباعا بإذن الله تعالى

وبالله التوفيق

كتاب التمييز

بسم الله الرحمن الرحيم

قُرِئ على أبي حاتم مكي بن عبدان، قال: سمعت مسلم بن الحجاج القشيري يقول: بالله نستعين و بحوله نجيب، و نرغب إليه في التوفيق للرشد و الصواب، و لا قوة إلا بالله.

أما بعد: فإنك يرحمك الله ذكرت أن قبلك قوماً، ينكرون قول القائل من أهل العلم إذا قال: هذا حديث خطأ، و هذا حديث صحيح، و فلان يخطئ في روايته حديث كذا، و صواب ما روى فلان بخلافه. و ذكرت أنهم استعظموا ذلك من قول من قاله. و نسبوه إلى اغتياب الصالحين من السلف الماضين، و حتى قالوا: إن من ادعى تمييز خطأ روايتهم من صوابها متخرص بما لا علم له به، و مدع علم غيب لا يوصل إليه.

و اعلم وفقنا الله و إياك أن لو لا كثرة جهلة العوام مستنكري الحق و رواية بالجهالة لما بان فضل عالم على جاهل، و لا تبين علم من جهل. و لكن الجاهل ينكر العلم لتركيب الجهل فيه. و ضد العلم هو الجهل. فكل ضد ناف لضده، دافع له لا محالة، فلا يهولنك استنكار الجهال و كثرة الرعاع لما خص به قوم و حرموه فإن اعتداد العلم دائر إلى معدنه، و الجهل واقف على أهله.

وسألت أن أذكر لك في كتابي رواية أحاديث مما وهم قوم في روايتها. فصارت تلك الأحاديث عند أهل العلم في عداد الغلط و الخطأ، بيان شاف أبينها لك حتى يتضح لك و لغيرك - ممن سبيله طلب الصواب، سبيلك - غلط من غلط و صواب من أصاب منهم فيها، و سأذكر لك إن شاء الله من ذلك ما يرشدك الله و تهجم على أكثر مما أذكره لك في كتابي، و بالله التوفيق.

فمنهم الحافظ المتقن الحفظ، المتوقي لما يلزم توقيه فيه، و منهم المتساهل المشيب حفظه بتوهم يتوهمه، أو تلقين يلقنه من غيره فيخلطه بحفظه، ثم لا يميزه عن أدائه إلى غيره. و منهم من همه حفظ متون الأحاديث دون أسانيدها، فيتهاون بحفظ الأثر، يتخرصها من بعد فيحيلها بالتوهم على قوم غير الذين أدي إليه عنهم.

و كل ما قلنا من هذا في رواة الحديث [2ب] و نقال الأخبار، فهو موجود مستفيض.

و مما ذكرت لك من منازلهم في الحفظ، و مراتبهم فيه، فليس من ناقل خبر و حامل أثر من السلف الماضين إلى زماننا - و إن كان من أحفظ الناس، و أشدهم توقياً و اتقاناً لما يحفظ و ينقل - إلا الغلط و السهو ممكن في حفظه و نقله، فكيف بمن وصفت لك ممن (3ب) طريقة الغفلة و السهولة في ذلك.

ثم أول ما أذكر لك بعد ما وصفت، مما يجب عليك معرفته، قبل ذكري لك ما سألت من الأحاديث السمة التي تعرف بها خطأ المخطئ في الحديث و صواب غيره إذا أصاب فيه.

فأعلم، أرشدك الله إن الذي يدور به معرفة الخطأ في رواية ناقل الحديث - إذا هم اختلفوا فيه - من جهتين:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015