13 - قوله تعالى:} وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أن الله يريد أن يُصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيراً من الناس لفاسقون أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون {(5/ 49 - 50).
ووجه الاستدلال: أن كل ما حكم به رسول الله r فهو مما أنزل الله، وهو ذكرٌ من الله أنزله على رسوله، وقد تكفل سبحانه وتعالى بحفظه، فلو جاز على حكمه الكذب والغلط والسهو من الرواة، ولم يقم دليلٌ على غلطه وسهو ناقله، لسقط ضمان الله وكفالته لحفظه، وهذا من أعظم الباطل، ونحن لا ندعي عصمة الرواة، بل نقول: إن الراوي إذا كذب أو غلط أو سها فلابد أن يقوم دليلٌ على ذلك، ولابد أن يكون في الأمة من يعرف كذبه وغلطه ليتم حفظه لحججه وأدلته ولا تلتبس بما ليس منها فإنه من حكم الجاهلية، بخلاف من زعم أن كل هذه الأخبار والأحكام المنقولة إلينا آحاداً كذِبٌ على رسول الله r ، وغايتها أن تكون كما قاله من لا علم عنده:
} إن نظُنُّ إلا ظناً وما نحن بِمُسْتَيقِنين {.
14 - ما أخرجه أبو داود (3660)، والترمذي (2656)، والنسائي في
"كتاب العلم ـ من الكبرى" ـ كما في "أطراف المزي" (3/ 206) ـ والدارمي (1/ 65 - 66)، وأحمد في "المسند" (5/ 183)، وفي "الزهد" (ص 33) وكثير غيرهم من حديث زيد بن ثابت مرفوعاً: "نضَّرَ الله امرأً سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه ... ".
قال الترمذي: "حديث حسن".
* قلتُ: بل هو صحيح، وله طرق عن زيد بن ثابت وشواهد عن ابن مسعود، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري في آخرين،
خرجت أحاديثهم في تخريج "الأربعون الصغرى" للبيهقي (ص 11 - 18). احتج بهذا الشافعي رحمه الله في تثبيت خبر الواحد، فقال في "الرسالة" (ص 402 - 403): "فلما ندب رسول الله r إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها أمراً يؤديها ـ ولو امرؤ واحد ـ دل على أنه لا يأمر أن يؤدي عنه إلا بما تقوم به الحجة على من أدى إليه؛ لأنه إنما يؤدي عنه حلالٌ، وحرامٌ يُجتنب، وحدٌّ يقام، ومالٌ يؤخذ ويُعطى، ونصيحة في
دين ودنيا". أهـ
15 - ما أخرجه أبو داود (4605)، والترمذي (2663)، وابن ماجة (13)، وأحمد (6/ 8)، والشافعي في "الرسالة" (ص 295)، والطبراني في "الكبير" (1/ 316 - 317)، وابن حبان (98)، والحاكم (1/ 108، 109)، والحميدي (551) والآجري قي "الشريعة" (50) والبيهقي في
"المعرفة" (1/ 18)، والبغوي في "شرح السنة" (1/ 201 - 202) عن أبي رافع مرفوعاً: "لا ألْفَيَنَّ أحد منكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري يقول: لا ندري ما هذا؟ بيننا وبينكم القرآن، ألا وإني أؤتيتُ الكتاب ومثله معه".
قال الترمذي: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ" وصححه الحاكم على شرط الشيخين. ووجه الاستدلال من هذا الحديث: أن هذا نهيٌ عام لكل من بلغه حديث صحيح عن رسول الله r أن يخالفه، أو يقول: لا أقبل إلا القرآن، بل هو أمرٌ لازمٌ وفرضٌ حتمٌ بقبول أخباره وسننه، وإعلامٌ منه r أنها من الله أوحاها إليه، فلو لم تُفد علماً لقال من بلغته: إنها أخبار آحاد لا تفيد علماً فلا يلزمني قبول ما لا علم بصحته، والله تعالى لم يكلفني العلم بما لم أعلم صحته ولا اعتقاده، بل هذا بعينه هو الذي حذر منه رسول الله r أمته ونهاهم عنه، ولما علم أن في هذه الأمة من يقوله حذرهم منه.
16 - قال ابن حزم في "الإحكام" (1/ 114): "لا خلاف بين كل ذي علمٍ من أخبار الدنيا مؤمنهم وكافرهم، أن النبي r كان بالمدينة، وأصحابه رضي الله عنهم مشاغيل في المعاش، وتعذر القوت عليهم لجُهدِ العيش بالحجاز،
وأنه عليه السلام كان يُفتي بالفتيا، ويحكم بالحكم بحضرة من حضره
¥