فإن فيه جماد بن أبي سليمان وهو كما قال أبو حاتم: "مستقيم في الفقه،
فإذا جاء الآثار شوش".
وكلام العلماء فيه يدل على أنه ليس بعمدةٍ في الحفظ.
وقد اختلف عليه، وخولف فيه.
أما الاختلاف عليه، فقد رواه حماد بن زيد، عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم، عن ابن مسعود أنه صلى بعلقمة والأسود، فقام بينهما ولم يقل: إن ابن مسعود أتى المسجد فوجد الناس قد صلوا فرجع إلى البيت فصلى.
أخرجه الطبراني في "الكبير" (ج9 / رقم 9383) قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا حجاج، ثنا حماد، عن حماد بهذا.
وهذا إسنادٌ منقطع بين إبراهيم النخعي، وابن مسعود، وهو محمولٌ على أن إبراهيم تلقاه عن علقمة أو الأسود، أو عنهما جميعاً.
وقد أخرجه الطبراني أيضاً (9382) قال: حدثنا علي بن عبد العزيز،
ثنا حجاج بن منهال، ثنا حماد، عن داود، عن الشعبي، عن علقمة،
أن ابن مسعود صلى به وبالأسود فقام بينهما.
أما أنه خولف فيه .. فقد خالفه الأعمش، فرواه عن إبراهيم، عن الأسود وعلقمة، قالا: أتينا عبد الله بن مسعود في داره، فقال: أصلى هؤلاء خلفكم؟ فقلنا: لا. قال: فقوموا فصلوا، فلم يأمرنا بأذان ولا إقامة. قال: وذهبنا لنقوم خلفه، فأخذ بأيدينا فجعل أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله. قال فلما ركع وضعنا أيدينا على ركبنا، قال: فضرب أيدينا وطبق بين كفيه، ثم أدخلهما بين فخذيه. قال: فلما صلى قال: إنه سيكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها، ويخنقونها إلى شرق الموتى، فإذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك، فصلوا الصلاة لميقاتها، واجعلوا صلاتكم معهم سُبحة، وإذا كنتم ثلاثة فصلوا جميعاً، وإذا كنتم أكثر من ذلك فليؤمكم أحدكم، وإذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه على فخذيه، وليجناً، وليطبق بين كفيه، فلكأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله r فأراهم.
أخرجه ابن أبي شيبة (2303، 7673)، ومسلم (534/ 26)، وأبو داود (868)، وأبو نعيم في "المستخرج" (1176)، والبيعقي (2/ 83)
عن أبي معاوية، ومسلم (534/ 27) وأبو نعيم (1178) عن جرير
بن عبد الحميد، ومسلم أيضاً.
وأبو عوانة (1803) عن علي بن مسهر، ومسلم (534/ 27) عن مقضل بن فضالة، والنسائي (2/ 50، 183 - 184) وأحمد (1/ 447) عن شعبة، والنسائي (2/ 49 - 50) وابن خزيمة (1636)، وابن حبان (1874)، والهيثم بن كليب في "المسند" (368)، وأبو نعيم في "المستخرج" (1176) عن عيسى بن يونس، وعبد الرزاق في "المصنف" (ج2/رقم 3884)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (ج9 / رقم 9381) عن سفيان الثوري، وابن أبي شيبة (2554)، وأبو نعيم (1176) عن محمد بن فضيل، وأبو عوانة (1804) والطحاوي في "شرح المعاني" (1/ 229) عن حفص بن غياث، وأبو عوانة (1805) عن زهير بن معاوية، كلهم عن الأعمش بهذا الإسناد.
وكذلك رواه منصور بن المعتمر، عن إبراهيم بهذا.
أخرجه مسلم (5340/ 28) قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، والبزار في "المسند" (1479 ـ البحر)، وابن صاعد في "مسند ابن مسعود" (ق 32/ 2)، وأبو نعيم (1178) عن محمد بن عثمان بن كرامة
وأبو عوانة (1806) قال: حدثنا أبو أمية ـ هو الطرسوسي ـ والطحاوي (1/ 229) قال: قنا علي بن شيبة، والهيثم بن كليب (367) عن سليمان
بن معبد، وقالوا: ثنا عبد الله بن موسى، ثنا إسرائيل، عن منصور بهذا.
قال البزار: "لا نعلم رواه عن منصور بهذا الإسناد إلا إسرائيل".
* قلت: فقد رأيت أنه لم يقع في روايتهما ذكرٌ لإتيان ابن مسعود المسجد فوجد الناس قد صلوا فانصرف وصلى في بيته، وهو الشاهد الذي اتكأ عليه من منع تكرار الجماعة في المسجد، فتكون رواية حماد بن أبي سليمان منكرة، والله أعلم.
وقد ورد عن ابن مسعود ما يخالف ذلك.
فأخرج ابن أبي شيبة (7182) قال: حدثنا إسحاق الأزرق، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن سلمة بن كهيل، أن ابن أبي مسعود دخل المسجد، وقد صلوا فجمع بعلقمة ومسروق والأسود.
وإسناده منقطع، وسلمة بن كهيل لم يلق أحداً من أصحاب النبي r إلا جُندُبَاً وأبا جُحيفة، كما قال عليِ بن المديني وابن معين، ووُلِدَ سلمة بن كهيل سنة (47)، وابن مسعود مات في خلافة عثمان.
وأما ما ذكروه عن الحسن البصري قال: كان أصحاب محمد r إذا دخلوا المسجد وقد صُلِّى فيه، صلوا فُرادى.
¥