وأتوجه بالدعاء إلى أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، أن يتقبل هذا التصنيف، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، نافعاً، خادماً لسنَّة الحبيب المصطفى سيدنا محمد r ، وأن يكون ذخراً لي في يوم المعاد، اللهم فاجعله عندك في حرز القبول، سبحانك يا أكرم مسؤول، ويا خير مأمول.
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
والحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم على سيدنا محمد عبدك ورسولك، وعلى آله وصحبه وسلِّم، واجزه عنا ما هو أهله.
وكتب
محمد مجير بن محمد أبو الفرج الخطيب الحسني
بدار السنة دار الحديث النورية بدمشق حرسها الله تعالى، عشية يوم عرفة 1424.
الخاتمة
الخاتمة
الحمدُ للهِ الذي هدانا لهذا، وما كُنا لنهتديَ لولا أن هدانا الله، اللهم فَلَكَ الحمدُ ملءَ السموات وملءَ الأرض وملءَ ما بينهما وملءَ ما شئت من شيءٍ بعد.
اللهمَّ صلِّ على إمامِ الهدى ورسولِ الرحمة، ماحي الكفرِ نبيِّ الملحمة العاقبِ الذي ليس بعده نبي، سيدنا أبي القاسم مُحَمَّدِ بن عبدِ الله الهاشِمي القُرشي المَكي، وسلِّم تسليماً كثيراً، وعلى آل بيته السادة الأطهار، وصحبه الميامين الأخيار، وتابعيهم من الأبرار إلى يوم القرار.
أما بعد:
فهذا جهد المقل في بيان مكانة (مدار الإسناد) في علم علل الحديث الشريف خصوصاً وفي علوم الحديث عموماً.
فكان تأصيلُ هذا المصطلح، وبيانُ أهميته ومكانته، وتأصيلُ مصطلحات أخرى تدور حوله، ولفتُ الأنظار إليها: ركنَ التأسيس لفقه حديثي يعتمد معرفة (المدار) بكل جوانبها منطلقاً لفهم مسائل كثيرة في علوم الحديث سواء أكانت في علم العلل أم في علم الرجال والجرح والتعديل أم في علم التخريج أم في تاريخ فنون الحديث. وذلك في الباب الأول
فمدار إسناد الحديث هو: الراوي الذي تلتقي أسانيد ذلك الحديث مهما تعددت عنده، فينفرد بذلك الحديث مطلقاً، ثم يرويه عنه اثنان فأكثر.
و بذلك تدور الأسانيد غالباً على الأئمة المكثرين، الذين يتفرد الواحد منهم بأحاديث كثيرة تنتشر عنه.
أما المَخْرَج، فهو أصل السند، الذي يتألف من جملة الرواة ابتداءً بمن دارت عليه أسانيد ذلك الحديث، واشتهر برواية حديث أهل بلده، وانتهاءً بالصحابي الراوي لذلك الحديث عن رسول الله r .
وبعد اعتماد هذه المصطلحات، والنظر من خلالها إلى علم العلل وسائر علوم الحديث، تظهر نتائج كثيرة، رُبما تستغرب لأول وهلة، لكنها إن وضعت على بساط البحث العلمي المجرد تظهر مصداقيتها و ارتباطها بمناهج الأئمة المتقدمين، وكم خطر في بالي قبل المضي في كتابة هذه الرسالة أن كتب المصطلح المتأخرة قد سلكت طريقة متكلمي الشافعية من الأصوليين، وهي طريقة تهتم بتحرير المسائل وتقرير القواعد ووضع المقاييس على بعض الأمثلة؛ دون محاولة الربط الدقيق بتصرفات الحفاظ من النقاد المتقدمين، فغاب بذلك مَعلم مهم من معالم طريق نقاد المحدِّثين، وهو اعتبار القرائن الخاصة بكل حديث.
فحاولت في هذا المصنف بعد استقراء طائفة من كتب المتقدمين في العلل والسؤالات والرجال: سلوك طريقة فقهاء الحنفية من الأصوليين، وهي طريقة تبني القواعد على مقتضى تصرفات الأئمة، وبالنسبة للحفاظ من المحدثين: فإن تصرفاتهم تدور مع القرائن الخاصة بكل حديث، فتخضع القواعد على هذا لظروف القرائن الخاصة، ولا تخضع تلك الظروف للقواعد المطلقة.
وعلى سبيل المثال: فإن مسائل تعارض الوصل والإرسال والرفع والوقف، تكون وفق الطريقة الأولى على قاعدة واحدة، وهي تقديم الوصل أو الرفع مادام الواصل أو الرافع ثقة، أما على وفق الطريقة الثانية فتارة يُقَدَّم الوصلُ وتارة يُقَدَّمُ الإرسال، وكذلك تارة يُقَدَّمُ الرفع وتارة يُقَدَّمُ الوقف؛ وذلك تبعاً للقرائن التي لا تُدرك إلا بمعرفة (مدار الإسناد) واختلاف أصحابه عنه أو عليه، وترجيح الأحفظ أو الأكثر أو ....
¥