فانبني على التخبط المذكور أن هؤلاء الخمسه المتوهمين (!) من أصحاب شعبة وصلوا الحديث فرجحت زيادتهم على الثلاثة الآخرين!

وحقيقة الأمر أنهم واحد فقط في مقابل ثمانية، ولو صح أن آدم بن أبي إياس العسقلاني رواه أيضاً، فهم تسعة الواحد منهم - على انفراده - أحفظ وأثبت من المدائني.

الخامس: الجَزْم بأن سند حديث أبي أمامة حسن في الشواهد، وما هو كذلك بل ضعيف جداً مسلسل بالعلل التي أسوؤها شدة ضعف (العلاء بن هلال الرقي) فقد اتهمه أبوحاتم الرازي، ووهاه ابن حبان، وعدَّ ابن عدي هذا الحديث من مناكيره، فرواه مختصراً.

الخامس: الجَزْم بأن سند حديث أبي أمامة حسن في الشواهد، وما هو كذلك بل ضعيف جداً مسلسل بالعلل التي أسوؤها شدة ضعف (العلاء بن هلال الرقي) فقد اتهمه أبوحاتم الرازي، ووهاه ابن حبان، وعدَّ ابن عدي هذا الحديث من مناكيره، فرواه مختصراً.

تنبيه: والتبس أمره على العلامة الشيخ الألباني - رحمة الله عليه - فقال في «الضعيفة» (2234) (9) - بعدما رجَّحه على ابنه هلال: «فقد وثقه ابن معين وأبوحاتم وابن حبان، لكن هذا عاد فذكره في «الضعفاء» أيضاً ... ».

أقول: الذي وثقه ابن معين وأبوحاتم وابن حبان هو (العلاء بن هلال الباهلي البصري) من شيوخ حماد بن سلمة وطبقته، والذي تردد النسائي بينه وبين ابنه هلال، وأورده ابن عدي في «الكامل» وابن حبان في «الضعفاء» هو: (العلاء بن هلال بن عمر الباهلي الرَّقي) وترجمته في «الجرح» (6/ 361 - 362) بعد البصري رأساً (10)، فسبحان من لا تخفى عليه خافية.

ثم فوجئت بالعلامة الألباني - رحمه الله - يورد المتن في «الصحيحة» (2025) معتمداً ما رآه في «صحيح مسلم» - المطبوع - من الروايات التي بينَّا الخطأ في وصلها، راداً على الإمام أبي داود جَزْمه بتفرد المدائني بوصل الحديث، وذكر طريقاً أخرى عن أبي هريرة مقتصراً على تضعيفها، وفيها يحيى بن عبيد الله التيمي أحد المتروكين، وشاهداً هو حديث أبي أمامة الذي بيَّنَّا وهاءه ونكارته.

التنبيه الأخير: وقع وهم آخر للحافظ البزار - رحمه الله - حيث روى الحديث - مرسلاً - في «مسنده» من طريق وهب بن جرير نا شعبة به، وقال: «وهذا الحديث أرسله وهب، وأَسْنَده محمد بن جعفر عن شعبة عن خبيب عن حفص عن أبي هريرة عن النبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - -».

كذا نقله محقق «علل الدارقطني» (10/ 276) نقلاً عن مخطوط «مسند البزار» (161/ 1) فوقع لي ارتياب في صحة النَّقل، ولم آمن التَّحَرُّف، فطلبت من أخي ومفيدي- وخِرِّيجي السابق -الشيخ عادل أبي تراب أن ينظر لي في النسخة التي عنده، فوجده كذلك.

ولا شك أن الكل يدرك أن الذي أسند هذا الحديث هو (علي بن حفص) وليس (محمد بن جعفر - غندر -)، فإنه من أبرز من أرسلوه كما بينت بياناً لا خفاء فيه. (11).] أهـ.

الحواشي:

============

(1) ومقتضى صنيع مسلم أن يكون لفظه: «كفى بالمرء كذباً ... »،حيث رواه مرسلاً، ثم أتبعه بالرواية الموصولة وقال: «بمثل ذلك»، وما وقع في بعض الطبعات من وصله بالإسناد الأول، فهو خطأ كما سأنبه - إن شاء الله -.

(2) كأبي أسامة حماد بن أسامة الكوفي - رحمه الله - وهو ثقة ثبت لكنه ليس معروفاً جداً بشعبة.

(3) تحرف اسمه في الموضعين إلى (علي بن جعفر المدائني) وجاء في «التلخيص» على الصواب.

(4) إنما روى مسلم الحديث عن أبي بكر بن أبي شيبة كما في طبعات «الصحيح» - على اختلافها - وكما قال الدارقطني في «العلل» وغيره، فلعل الحاكم كان يعتمد على حفظه في النقل عن «صحيح مسلم» وقد كان كثيراً ما ينفي وجود الحديث عند البخاري ومسلم، ويكون عندهما أو أحدهما.

(5) لم أذكر آدم عند سرد أصحاب شعبة الذين أرسلوا الحديث لأن في الطريق إليه: (عبد الرحمن بن الحسن الهمداني) - شيخ الحاكم - وهو مطعون فيه بكلام شديد لم أجد أحداً دفعه أو أوَّلَه تأويلاً سائغاً يلزم منه براءته من الطعن.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015