ثم إن (أنيس بن عمران) لم يذكروا من شيوخه: (سعد بن إسحاق!!) بل ما رآه أصلاً!!
ولعل الذي أوقع الإمام في هذا الخلط!! أنه رأى في سند الطحاوي: (أنيس بن عياض) فبحث في الرواة فلم يجد أحدًا بهذا الاسم!! وإنما وجد (أنيس بن عمران!!) فظن أن (عمران) قد تصحفت عند الطحاوي إلى (عياض!!) فراح يقول ما قال!!
ليس هذا فحسب!! بل زعم أن (أنيس) قد تصحف عند المزي في (تهذيبه) إلى (أنس)!! عندما ذكره المزي في شيوخ يونس بن عبد الأعلي!! وغفل الإمام عن كون المزي في التهذيب [32/ 32]، قد سمَّى والد أنيس (عياضًا) وإنما والد أنيس عند الإمام إنما هو (عمران!!)
ثم الحجة الدامغة!! وهو أن المزي قد رمز برمز (س) بعد أن ذكر (أنس بن عياض) ويريد بها: أن رواية يونس عن أنس بن عياض قد أخرجها النسائي في (سننه) فكيف ذهل الإمام عن كل هذا!!
مع كونه على علم بكون (أنيس بن عمران) لم يرو له أحد من أصحاب الكتب الستة!! بل ولا التسعة!!
وقد انتبه حسين الأسد في تعليقه على (مسند المؤلف) إلى كون (أنس بن عياض) قد تحرف عند الطحاوي إلى (أنيس بن عمران!!) ومثله المعلِّق علي صحيح بن حبان [249/ 13].
أما الإمام الألباني: فلم يُعجبه هذا أصلاًً!! وطفق ينكتُ على الرجلين - لاسيما الأخير - بكونهما قد راج عليهما التصحيف الواقع في سند الطحاوي!!
وعلى كل حال: فالإمام الألباني مجتهد مأجور أبدًا سواء أخطأ أم أصاب، لكن أوهامه في الرواة والنقلة ليست بالقليلة في كتبه!! وقد جرَّد شيخ المحدثين، وعمدة المدققين في هذا الزمان: محمد عمرو عبد اللطيف - حفظه الله - مصنَّفًا حافلاً في تتبُّع أوهام الإمام في الرواة، وسمَّاه (مختصر فضل ذي الجلال بتقييد ما فات العلامة الألباني من الرجال!!) قال عنه في حاشية كتابه: (أحاديث ومرويات في الميزان) [ص52]،: (إذ لا يختص -يعني الكتاب الماضي- فقط بالذين لم يقف عليهم - يعني الإمام الألباني - بل فيه أيضًا الذين لم يقف فيهم على جرح أو تعديل، وليسوا كذلك، والذين يُخالَف في تعيينهم، وسيترواح الجزء الأول -بإذن اللَّّه- بين مائتي ترجمة وثلاثمائة وخمسين!!).
قلتُ: وما أظنه طُبِع بعد!! ولا ينقص هذا التأليف ولا غيره من مقدار الإمام الألباني أصلاً!! بل هو البحر الطامي، والغيث الهامي، والسيل الجرار، والعَلَمُ الذي في رأسه نار!! ما خدم الإسلام أحدٌ - في هذا الزمان - أكثرَ مما خدمه هذا الإمام ولا نُغالي!!
ومَنْ عنده همة الألباني وكفاحه وجهاده في ميادين الأخذ الرد؟! ولم نر أحدًا أشدَّ اتباعًا لنصوص الكتاب والسنة مع الاجتهاد المطلق وترك التعصب والتقليد من هذا الرجل!! اللَّّهم إلا أن يكون شيخ القطر اليماني: المجتهد الفحل مقبل بن هادي الوداعي. والمزيد من شرح حال هذين الرجلين: تجدها في كتابنا الكبير: (أنهار الدم بما قيل في ابن حزم وابن تيمية من مدحٍ وذم). وهو كتاب روحي، وبلْسَم أدوائي وجروحي. واللَّّه المستعان.
انتهى بحروفه من (رحمات الملأ الأعلى بتخريج مسند أبي يعلى) [رقم/997].
ـ[أبوصهيب المغربي]ــــــــ[27 - 11 - 09, 04:39 ص]ـ
قد تسعى للتخفيف من نار تعقباتك التي تلفح وجه القارئ قبل المتعقَب عليه، و لكن ما تُضمنها من عبارات و إشارات تقضي بتنكبك عن النهج السوي و المعتدل في التعقب، إذ وصم الإمام بالغضب - أو الغيظ - و ضيق الذرع (إلى حد قولك أنه اشتط)، تحتاج إلى معاينة و مشاهدة لم تتأتى لك، بل ترمي بها جزافا و استشناعا، فما أراك إلا تلبست بما رميت به الإمام زورا و بهتانا، حيث غاظك قول الإمام: (فالذي يبدو لي - و الله أعلم- أن ذلك زلة من زلات العلماء، إن لم يكن سبق قلم، فيجب أن يتقى .. )
من غير داع للغيظ، فهجمت عليه هذه الهجمة النكراء، متهما إياه بأنه اشتط،
بالله عليك هل في هذا الاعتذار الذي اعتذر به الإمام للحافظ أبي حاتم ما يدل على أنه اشتط، بل هو -يا ناشد الإنصاف- اعتذار يذكو بنشر منبعث من تعابير و أساليب الأسلاف في الاعتذار لمن سبقهم، و التي أرى أنفك زكم عن تنسمها، فغدا لا يميز بين المشتط و المنصف المتلمس للعذر،
¥