ـ[أبوصهيب المغربي]ــــــــ[25 - 11 - 09, 07:06 م]ـ
عجبا لك .. ،تأتي إلى زلة و وهلة لعالم .. ، فتشنع تضخميا ليسير، و تعظيما لصغير .. ، و كأني بك إذ تنهج هذا المنهاج .. ، الذي حاد به ذهنك عن الحق وعاج، لم تخبر كتب أهل العلم، والتي يدري كل متعنٍّ بالعلم، أنها حوت من الأخطاء ما يتعجب له اللبيب، و مع ذلك فلا يسعه إلا أن يردد حينها قولة الإمام الأشم ابن حزم - رحمه الله - ناعيا على قوم:"و لم يكن معها من قوة المنة، و جودة القريحة، و صفاء النظر ما تعلم به ان من أصاب في عشرة آلاف مسألةفجائز أن يخطئ في مسألة واحدة،لعلها أسهل من المسائل التي أصاب فيها". (1/ 345،ط: دار الكتب العلمية"
و الله إنه لجائز، ثم يثني بعدها منشدا مع ابن الصيرفي الغرناطي:
تكبو الجياد و كل حبر عالم ... يهفو و تنبو المرهفات القطع
(الحلل الموشية،128،ط: دار الرشاد"
فهلا سلكت هذا المسلك، دون سُبُل الدك و الفتك، و القضم و الهتك، التيأراك شحنت بها (الرحمات) دون رحمة، و بثثتها تحت كل كِلمة، بما يُلزمك - و أطالبك- بغسل (الرحمات) من ذاك الصراخ و العويل، الذي لا يورث إلاتضييع الكاغد و التطويل،و ما أراك تستطيع تنقيته، و من ذاك السخامتصفيته، فنقولاتك عن (الرحمات) تنبئ بذيوعه في مطاويه، و شيوعه فيه،فوا أسفاه على زمن أضحى فيه الاعتذار للعلماء مضنونا به، و استرخص أهلهكلمات الجفا و التشنيع، فبذلوها من غير ضِنة و لا شُح، بل بالجرح والقُبح، فرحماك يا رب .. ،بل ركبت المركب الصعب، و رقيت المرقى الوعر، عندما لم تلف بدا للتشنيع،إلا بنسج أساس من خيوط الظنون،لتبني عليها دعائم التشنيع المهترئة، و هيعما يختلج خاطرك منبئة، فما كان منك إلا أن ترمي الإمام بالغيظ، و كأنيبك تأثرت بحر القيظ، ففهت بهذا الهراء،و الذي إن طولبت بالدليل على صحته، بلحت و تلجلجت، بل لحفرت لرأسك موضعا في الأرض حياء و خجلا، و هنا يطيب لي أن أقول:
رحم الله درة الأندلس .. ، و من تشرق بكتْب اسمه الطُّرُس .. ، و تزهربذكراه البلاد الدرُس .. ، الحافظ النحرير و الأديب الحنذيذ أبا الربيعابن سالم الكلاعي البلنسي فقد قال): " ... ،و لاتكن ممن يدعي نقاء الطوية إعداداللاعتراض، ثم يرسل لسانه في الأعراض، كالسهام إلا الأغراض، فأفواههامجاسُّها، و شر الألسنة مواسيها و مواسُّها، و هي ترجمة الفؤاد، وعنوان المستقيم و المنآد .. ، " (نفثة السحر الحلال،128).
فما أعظمها من نصحية لمن انتصح، و قد أوجز و أبلغ فرحمات ربي عليه .. ،
و أقول لك مذكرا: أنت تعلم بأن الإمام أخطأ عن اجتهاد، فأفضى إلى قول خالف فيه ابا حاتم، و الإمام قد غنم من اجتهاده أجرين إن أصاب أو واحدا إذا أخطأ،
و أنت أيها الأخ الحبيب - أبا المظفر- كم أخطأت تقليدا لا اجتهادا؟؟؟، و كم هوت بك قدماك في تلك المزالق؟؟
و أنبهك إلى امر ما إخالك به جاهل،أو عنه متغافل، و هي أن للإمام موافقات عديدة كثيرة غزيرة، لاجتهادات المتقدمين، إذا وزنت بالتي خالفهم فيها لرجحت كفت (الموافقات)، و لا تنسى أنه وافقهم عن اجتهاد لا تقليد .. ،
ألا قلتَ في (رحماتك) مع أن الإمام خالف أبا حاتم هنا، فقد وافقه هناك و هنالك، مستعيضا بذلك عن هذا الصراخ الذي نمنمته مبطلا، فتقطع حينها بأن الإمام يجتلي معاني المتقدمين من كلامهم، و أنه على طريقة المتقدمين، "إذ الحكم للغالب".
مع أنك تدري أن ما أطلت كلام حوله و سقت له الشواهد، لا يخفى على مثل الإمام، و لكن أمارات و قرائن و مرجحات حدته ليخالف أباحاتم - درة الحفاظ-،
و قلت: أن عذر الإمام هو قوله: (أن للحديث طرق و شواهد، و جريان عمل السلف عليه)
و أراك تغافلت عن هذا المهيع الذي انتهجه أهل الإنصاف في تلمس الأعذار للأخيار، عندما ابتدأت رقم (الرحمات)، فهذا الشيخ العالم الرباني أبو إسحاق الحويني - حفظه الله -، لم يسلم من تهجمك و حدة لسانك، و كان علمه و سنه و ما يبذله في العلم و الدعوة شافعا مشفعا عند ذوي العدل و الإنصاف، بخلاف من رضي بالاعتساف و الإجحاف،
و صنيعك هذا ذكرني بصنيع صاحبك صاحب (دليل المحققين)، فسبحان الله، فإن له في خلقه شؤون،
و دونك تيك الينابيع التي اعذوذب و احلولى مشربها من اعتذارات الأئمة الأسلاف لمن تقدم عليهم، و هي مما لا يخفى على نابه مثلك، فاغرف منها غرفات، و إن كنت لا أراها تُذهب حر ظمئك، و لكنها توسع عطن الاعتذار الذي ضيقته، فتورث بلسما يزيح بأسا،
و إني قائل لك: اجعل من (الرحمات) رحمات، و لا تكدر ما حوته من الفوائد و العوائد بإطناب و إسهاب عند التعقب يحوي جراءة و (وقاحة) لا طائل من ورائهما سوى قضم اللحوم المسمومة، و تضييع الحبر و الطروس، و هو من الإسراف،
و رجاءً زُمَّ الكلام، و اجعل له من الإنصاف خطام، هذا و السلام،.
¥