وثناء ابن معين على صاحب الزهري؟! معروف منشور. فانظر كيف حكم على روايته بالبطلان، وأنكرها إنكارًا شديدًا!! بل ويقول: (ولو حدث بهذا عبد الرزاق كان حلال الدم!!) مع كونه كان يعظِّم عبد الرزاق تعظيمًا شديدًا!! بحيث صح عنه فيما رواه عنه العقيلي [110/ 3]، وابن عدي [311/ 2]، أنه قال: (لو ارتد عبد الرزاق عن الإسلام؛ ما تركنا حديثه!!) ومع ذلك لم يمنعه أن يقول ما قال؛ لما استتبَّ في صدره من كون تلك الرواية لا تصح عن معمر!!
وقد سئل الإمام أحمد أيضًا عن ذاك الحديث نفسه كما في علل المروذي [رقم 270]، من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي به ... فقال: (باطل!! ليس من هذا شيء، مَنْ حدَّث بهذا؟!) فقال له المروذي: (قلت: ذكروه عن صاحب الزهري!! فتكلم فيه بكلام غليظ!!).
وصاحب الزهري هذا: هو محمد بن يحيي الذهلي، لقًَّبوه بذاك اللقب؛ لشدة عنايته بحديث الزهري وجمعه له، بل وتأليفه في علل مروياته كتابه المشهور: (علل أحاديث الزهري!!). وثناء أحمد عليه معروف مشهور؛ ومنه ما نقله المزي عنه في تهذيبه [624/ 26]، أنه قال: (لو أن محمد بن يحيي عندنا؛ لجعلناه إمامًا في لحديث!!).
قلت: ومع كل هذا لم يمنعه ذلك أن يحكم على روايته بالبطلان!! لما تبيَّن له أنها رواية ليس لها وجود في عالم الإمكان!!
وقد سئل ابن معين أيضًا: عن حديث حدَّث به عبد اللَّه بن عون الخراز عن محمد بن بشر العبدي عن مسعر عن قتادة عن أنس قال: (قام رسول اللَّه حتى تورمت قدماه ... )؟
فقال ابن معين: (الشيخ صدوق؛ والحديث لا أصل له!!) نقله عنه ابن أبي حاتم في العلل [رقم /554]، وقد مضى الكلام على تلك الرواية عند المؤلف [برقم/ 2900/رحمات].
وعبد اللَّه بن عون هذا: ثقة مأمون عابد، كان يُعدُّ من الأبدال!!
فانظر: كيف حكم ابن معين على روايته بكونها لا أصل لها!! مع كونه يقول عن صاحبها: (صدوق) وقد وثقه في رواية أخرى!!
ولو ذهبت أتتبَّع إطلاقات المتقدمين على الرواية الخطأ متنًا أو إسنادًا بكونها (كذبًا) أو (لا أصل لها) أو (باطلة!!) دون مرعاة منهم لحال روايها والمتفرد بها سواء كان ضعيفًا أو صدوقًا أو ثقة أو فوق ذلك؛ لخرجتُ عن المقام؛ ولطال عليَّ الكلام!! وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق!!
وهذه الأمثلة الغزيرة: هي التي يقول الإمام الألباني عن بعض أفرادها: (واللَّه ما أدري ولا أحسب أنه يمكنني يومًا أن أدري أنه يمكن أن يقال في حديث الصدوق: كذب لا أصل له!!).
باللَّه كما فرَّط أكثر المتأخرون في اجْتلاء معاني تصاريف نقاد الصَّنْعة من متقدمي أئمة هذا الشأن في أحكامهم على الأخبار والنَّقَلة!!؟ وأقبلوا بكل ما لديهم في حفظ قوانين وضعوها، ومدارسة كليات قد أحدثوها؛ دونما اعتماد كُلي على طرق أساليب جهابذة المحدثين في معالجة نقد المتون والأسانيد والرجال!! فاتسع الخرْق على الراقع جدًا!!
وصار من نتائج هذا الاستقلال الناشئ!! أن صار الحديث الموضوع لا يكون موضوعًا إلا إذا كان في سنده كذاب أو متهم بالكذب!!
وصارت الرواية الباطلة، أو التي لا أصل لها؛ لا تكون كذلك حتى يكون في سندها أحد المغامرين، من الهلكي والكذابين!! وسرَى ذلك في تصاريف المتأخرين؛ سريان النار في الهشيم!
لولا شرذمة شاردة من أبناء هذا الزمان؛ ما زالوا يتصلون بنسب بينهم وبين من سلف على جادة حذاق تلك الصنعة من أئمة القوم؛ جعلوا يحيون ما اندرس رسمه من القوانين المستقيمة؛ والقواعد القويمة على رسوم من تقدم ممن يشار له بالبنان؛ من متقدمي أئمة هذا الشأن، ومن انخرط في سلكهم من متأخري أعيان الأزمان؛ الذين لولاهم لكان الحديث وأهله في خبر كان!! واللَّه تعالى المستعان. وعليه التُّكْلان.
وعود على بدء فنقول: .........
نقلا عن: (رحمات الملأ الأعلى بتخريج مسند أبي يعلى) [رقم/3735].
ـ[أبو محمد النفيعي]ــــــــ[22 - 11 - 09, 08:12 م]ـ
أولا: أبو حاتم -رحمه الله- غير معصوم وإن كان إماما في فنه.
ثانيا: الألباني -رحمه الله- له وزنه في علم الحديث وإن طاش عقلك وعرفت من نفسك وأنكرت.
ثالثا: كلامك فيه مبالغة عظيمة جدا من فعل الألباني.
رابعا: كل يؤخذ من قوله ويرد وما منا إلا راد ومردود عليه.
خامسا: عنوانك لا يدل أبدا على مظمون مقالك.
سادسا: صاحب الاطلاع (الواسع) لا يستغرب ردود أهل العلم بعضهم على بعض ولو بلغت ما بلغت
نفع الله بك
ـ[بن روضه الجنوبي]ــــــــ[23 - 11 - 09, 11:41 ص]ـ
بارك الله فيك اخي ابو المظفر و نفعك الله بعلمك عامة الناس.
ـ[جراح نادر العوضي]ــــــــ[25 - 11 - 09, 01:39 م]ـ
أخي أبو مظفر حفظك الله ..
رغم أنك لست الكاتب إلا أني أتمنى أن تتلقى ردود إخوانك الباحثين عن الحق بصدر أوسع من صحراء نجد.!!
نريد أخي الكريم ردا علميا (تراعى فيه قواعد الحديث) وتبين فيه العلل على الأصول حتى نقتنع.!!
أما مطلق الرد من غير بيان السبب فهذا الذي نأخذه من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فقط.!!
واذكرك بمقولة إمام الدنيا في الحديث الذي يحبه أهل الإيمان ويحبهم (أبو هريرة) رضي الله عنه: لا يتقول على رسول الله رجل فيه خير .. ) انتهى مع أني لا أذكرها نصا إلا أن هذا معناها وهي في السير للذهبي لمن أراد المراجعة ..
ثم قول صاحب المقالة أنه غاظ الألباني .. !! ما قاله أبو حاتم
فهذا لا يعتبر بل ولا ينبغي أن يقال.!!
فكأنه يريد إلقاء حصاة في بحر .. !!
قال بكر أبوزيد رحمه الله
" إذا ظفرت بوهم عالم فلا تفرح به للحط منه , ولكن افرح لتصحيح المسألة فقط , فإن المنصف يكاد يجزم بانه ما من إمام إلا وله أغلاط وأوهام , لا سيما المكثرين منهم , وما يشغٍٍٍٍّّّّب بهذا ويفرح به للتنقص إلا متعالم يريد أن يطبًًًّّّّ زكاما فيحدث به جذاما "
الحلية
وسامحنا أخي إن قسونا
اللهم اغفر وارحم
¥