ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[29 - 03 - 09, 03:55 م]ـ

إسماعيل لم يسمع من أيوب

هذه علة قاضية على هذا السند وهي الانقطاع بين إسماعيل بن أمية وأيوب بن خالد، فلم يذكره المزي في شيوخه (تهذيب الكمال 3/ 46)، ولم نقف له على سماع صحيح منه! ولعل هذا ما ألمح إليه ابن المدينيّ في تعليله الحديث، لأنه أثبت واسطة بين إسماعيل وأيوب. قال ابن المدينيّ في آخر جوابه (الأسماء والصفات 2/ 255 - 256): ((وما أرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلا من إبراهيم بن أبي يحيى)). اهـ وإن كان إبراهيم بن أبي يحيى ليس من شيوخه أيضاً.

فالانقطاع بين إسماعيل بن أمية وأيوب بن خالد يقوّي ما ذهب إليه ابن المدينيّ، لا سيما وأن إسماعيل قد عنعن ولم يصرّح بالسماع. قال المعلمي رحمه الله (الأنوار 186): ((ويُرَدّ على هذا أن إسماعيل بن أمية ثقة عندهم غير مدلس)). اهـ وقال الألباني: ((هذه دعوى عارية عن الدليل إلا مجرد الرأي، و بمثله لا ترد رواية إسماعيل بن أمية، فإنه ثقة ثبت)). اهـ قلتُ: هذا لو صحّ أن إسماعيل سمع من أيوب وروايته عنه متصلة، فإن لم تصحّ فبينهما واسطة لا محالة. ومتى ثبت الانقطاع، سقط حديث إسماعيل برمّته ويُصار إلى حديث ابن أبي يحيى الساقط أصلاً! فتأمل.

أيوب لم يسمع من عبد الله بن رافع

العلة القاضية الأخرى هي الانقطاع بين أيوب وعبد الله بن رافع، فإنه لم يثبت سماعه منه أيضاً. قال ابن أبي حاتم في ترجمة أيوب (الجرح والتعديل 873، 2/ 245): ((روى عن: جابر بن عبد الله، وزيد بن خالد الجهني، وعبد الله بن رافع مولى أم سلمة. روى عنه: عمر مولى غفرة، وموسى بن عبيدة. سمعتُ أبى وأبا زرعة يقولان ذلك، لم يذكر أبو زرعة: زيد بن خالد، وعبد الله بن رافع)). اهـ قلتُ: وما نبّه إليه ابن أبي حاتم عن أبي زرعة صحيح، فليس لأيوب سماع من عبد الله بن رافع. قال المزي في ترجمة أيوب (تهذيب الكمال 3/ 469): ((روى له مسلم والنسائي حديثاً واحداً .. عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي، فقال: "خلق الله التربة يوم السبت")). اهـ فلا تُعرف له رواية عنه إلا في هذا الحديث فقط. وما احتاج إلى الدليل كيف يُستدلّ به!

خلاصة القول في علل السند

اجتمع في هذا الإسناد ثلاث علل:

(1) تدليس ابن جريج وأخذه عن إبراهيم بن أبي يحيى

(2) الانقطاع بين إسماعيل بن أمية وأيوب بن خالد

(3) الانقطاع بين أيوب بن خالد وعبد الله بن رافع

فهذا إسناد مظلم موضوع .. قال ابن سيرين رحمه الله: ((إن هذا العلم دين، فانظروا عمَّن تأخذون دينكم)). فغفر الله لمَن صحَّح هذا السند.

وفيما يلي بيان آفات المتن بإذنه تعالى ..

ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[30 - 03 - 09, 10:01 م]ـ

متن منكر .. مخالف للقرآن

هذا الحديث مخالف لكتاب الله أيَّما مخالفة، فأغنانا الله عن التعسّف في حل إشكالاته:

(1) يبدأ الحديث بإشكال قاصم ومخالفة صريحة للقرآن، وهو قوله إن الله خلق الأرض في يوم واحد وليس في يومين! ((خلق الله التربة يوم السبت))، في حين يقول تعالى (خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ)! قال الألباني رحمه الله (السلسلة الضعيفة والموضوعة 11/ 812) في معرض ردّه على أحد مبطلي هذا الحديث: ((وأصل ضلاله هذا إنما هو من سوء الفهم، ولربما من سوء القصد أيضاً: فإنه فسر "التربة" فيه بأنها "الأرض"! والصواب: أنها "التراب"، كما يدل عليه تمام الحديث واللغة)). اهـ قلتُ: وهذا ليس من سوء الفهم ولا سوء القصد في شي، فهذا ما قاله أيضاً: @ القاضي عياض ((مشارف الأنوار على صحاح الآثار 1/ 233): ((قوله: "خلق الله التربة يوم السبت" يعني: "الأرض". وكذا جاء في غير كتاب مسلم: "خلق الله الأرض يوم السبت")). اهـ

@ وقال المناوي (فيض القدير 3930، 3/ 447): (("خلق الله التربة" يعني: "الأرض". والترب، والتراب، والتربة: واحد، لكنهم يطلقون التربة على التأنيث، ذكره ابن الأثير)). اهـ وقال أيضاً (التيسير 1/ 1050): (("خلق الله التربة" أي: "الأرض")). اهـ فهذا هو منطوق الحديث، وهو أول القصيدة!

(2) ثم إن الله أخبر في كتابه أنه بعد خلق الأرض في يومين، جعل فيها الرواسي، فكيف يُقال إن الله خلق الجبال في اليوم الثاني: ((وخلق الجبال فيها يوم الأحد))!

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015