ز) عدم الاقتصار على سماع الحديث وكتابته دون معرفته وفهمه، فيكون قد أتعب نفسه دون أن يظفر بطائل.
ح) أن يقدم في السماع والضبط والتفهم الصحيحين ثم سنن أبي داود والترمذي والنسائي ثم السنن الكبرى للبيهقي ثم ما تمس الحاجة إليه من المسانيد والجوامع كمسند أحمد وموطأ مالك، ومن كتب العلل، علل الدارقطني، ومن الأسماء التاريخ الكبير للبخاري والجرح والتعديل لابن أبي حاتم، ومن ضبط الأسماء كتاب ابن ماكولا ومن غريب الحديث النهاية لابن الأثير.
الباب الرابع
الإسناد ومَا يتعلقُ بهِ
الفصل الأول: لطائف الإسناد.
الفصل الثاني: معرفة الرواة.
الفصل الأول
لطائف الإسناد
الإسناد العالي والنازل.
المسلسل.
رواية الأكابر عن الأصاغر.
رواية الآباء عن الأبناء.
رواية الأبناء عن الآباء.
المُدَبجَّ ورواية الأقْران.
السابق واللاحِق.
الإسناد العَالي والنَّازل
ـ 1 ـ
1 - تمهيد:
الإسناد خَصيصة فاضلة لهذه الأمة،وليست لغيرها من الأمم السابقة،وهو سنة بالغة مؤكدة، فعلى المسلم أن يعتمد عليه في نقل الحديث والأخبار، قال ابن المبارك: " الإسناد من الدَّين، ولولا الإسناد لقال مَنْ شاء ما شاء " وقال الثوري: " الإسناد سلاح المؤمن " كما أن طلب العُلوَُِ فيه سنةِ أيضاً، قال أحمد بن حنبل: " طلب الإسناد العالي سُنَّة عمن سَلَف " لأن أصحاب عبدالله ابن مسعود كانوا يرحلون من الكوفة إلى المدينة فيتعلمون من عمر ويسمعون منه، ولذلك استحبت الرحلة في طلب الحديث، ولقد رحل غير واحد من الصحابة في طلب علو الإسناد، منهم أبو أيوب وجابر رضي الله عنهما.
2 - تعريفه:
أ) لغة: العالي اسم فاعل من " العُلُوّ " ضد النزول، النازل اسم فاعل من " النزول ".
ب) اصطلاحاً:
1 - الإسناد العالي: هو الذي قَلَّ عدد رجاله بالنسبة إلى سند آخر يَردُ به ذلك الحديث بعدد أكثر.
2 - الإسناد النازل: هو الذي كثر عدد رجاله بالنسبة إلى سند آخر يَرِدُ به ذلك الحديث بعدد أقل.
3 - أقسام العلو:
يقسم العلو إلى خمسة أقسام، واحد منها علو مُطْلَق، والباقي علو نِسْبي وهي:
أ) القُرْب من رسول الله صلي الله عليه وسلم بإسناد صحيح نظيف:
وهذا هو العلو المطلق، وهو أجَلُّ أقسام العلو.
ب) القرب من إمام من أئمة الحديث:وإن كثر بعده العدد إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم، مثل القرب من الأعمش أو ابن جُرَيْج أو مالك أو غيرهم، مع الصحة ونظافة الإسناد أيضاً.
ج) القرب بالنسبة إلى رواية أحد الكتب الستة أو غيرها من الكتب المعتمدة:
وهو ما كثر اعتناء المتأخرين به من الموافقة والإبدال والمساواة والمصافحة.
1 - فالموافقة: هي الوصول إلى شيخ أحد المصنِّفين من غير طريقه بعدد أقل مما لو رَوَي من طريقه عنه.
مثاله: ما قاله ابن حجر في شرح النخبة " روي البخاري عن قتيبة عن مالك حديثا، فلو رويناه من طريقه كان بيننا وبين قتيبة ثمانية، ولو روينا ذلك الحديث بعينه من طريق أبي العباس السراج عن قتيبة مثلا لكان بيننا وبين قتيبة فيه سبعة، فقد حصلت لنا الموافقة مع البخاري في شيخه بعينه مع علو الإسناد على الإسناد إليه "
2 - البَدَل: هو الوصول إلى شيخ شيخِ أحد المصنِّفين من غير طريقه بعدد أقل مما لو روي من طريقه عنه.
مثاله: ما قاله ابن حجر: " كأَنْ يقع لنا ذلك الإسناد بعينه، من طريق أخرى إلى القَعْنَبي عن مالك، فيكون القَعْنَبي فيه بدلا من قتيبة.
3 - المساواة: هي استواء عدد الإسناد من الراوي إلى آخره مع إسناد أحد المصنِّفين.
مثاله: ما قاله ابن حجر: " كأَنْ يَرْوي النسائي مثلاً حديثاً يقع بينه وبين النبي صلي الله عليه وسلم فيه أَحَدَ عشر نَفْساً، فيقع لنا ذلك الحديث بعينه بإسناد آخر، بيننا وبين النبي صلي الله عليه وسلم فيه أَحَدَ عشر نفسا، فنساوي النسائيَّ من حيث العدَد "
4 - المصافحة:
هي استواء عدد الإسناد من الراوي إلى آخره مع إسناد تلميذ أحد المصنِّفين. وسُمِّيَتْ مصافحةً لأن العادة جرت في الغالب بالمصافحة بين من تَلاَقَيا.
د) العلو بتقدّم وفاة الراوي:
ومثاله ما قاله النووي: " فما ارويه عن ثلاثة عن البيهقي عن الحاكم أعلى من أن أرويه عن ثلاثة عن أبي بكر بن خَلفَ عن الحاكم، لتقدم وفاة البيهقي عن ابن خلف
هـ) العلو بتقدم السماع: أي بتقدم السماع من الشيخ، فمن سمع منه متقدماً كان أعلى ممن سمع منه بعده.
مثاله: أن يسمع شخصان من شيخ، وسماع أحدهما منذ ستين سنة مثلاً، والآخر منذ أربعين سنة، وتَسَاوي العدد إليهما، فالأول أعلى من الثاني، ويتأكد ذلك في حق من اختلط شيخه أو خَرِفَ.
4 - أقسام النزول:
أقسام النزول خمسة، وتعرف من ضدها، فكل قسم من أقسام العلو ضده قسم من أقسام النزول.
5 - هل العلو أفضل أو النزول؟
أ) العلو أفضل من النزول على الصحيح الذي قاله الجمهور، لأنه يُبْعِدُ كثرةَ احتمال الخَلَل عن الحديث، والنزول مرغوب عنه، قال ابن المديني " النزول شؤم " وهذا إذا تساوي الإسناد في القوة.
ب) ويكون النزول أفضل إذا تميز الإسناد النازل بفائدة
6 - أشهر المصنفات فيه:
لا توجد مصنفات خاصة في الأسانيد العالية أو النازلة بشكل عام، لكن افرد العلماء بالتصنيف أجزاء أطلقوا عليها اسم " الثُلاثيات " ويعنون بها الأحاديث التي فيها بين المصنِّف وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشخاص فقط، وفي ذلك إشارة إلى اهتمام العلماء بالأسانيد العوالي، فمن تلك الثلاثيات.
1) ثلاثيات البخاري،2) لابن حجر.
3) ثلاثيات أحمد بن حنبل،4) للسَّفَّاريني.
¥