هذا الفن من أهم علوم الحديث، إذ يضطر إلى معرفته جميع العلماء وإنما يكمل له ويمهر فيه الأئمة الجامعون بين الحديث والفقه، والأصوليون الغواصون على المعاني الدقيقة، وهؤلاء هم الذين لا يٌشْكِلٌ عليهم منه إلا النادر.
وتعارض الأدلة قد شغل العلماء، وفيه ظهرت موهبتهم ودقة فهمهم وحسن اختيارهم. كما زَلَّتْ فيه أقدام من خاض غِمَارَه من بعض المتطفلين على موائد العلماء.
7 - أشهر المصنفات فيه:
أ) اختلاف الحديث: للإمام الشافعي، وهو أول من تكلم وصنف فيه.
ب) تأويل مختلف الحديث: لابن قتيبة. عبدالله بن مسلم.
ج) مشكل الآثار: للطحاوي. أبي جعفر أحمد بن سلامة.
ناسِخٌ الحَديثِ وَمَنسٌوخٌه
1 - تعريف النسخ:
أ) لغة: له معنيان: الإزالة. ومنه نَسَخَت الشمسٌ الظلَّ. أي إزالته والنقل، ومنه نسختً الكتابَ، إذا نقلتٌ ما فيه، فكأنَّ الناسخ قد أزال المنسوخ أو نقله إلى حكم آخر.
ب) اصطلاحاً: رَفْعٌ الشارع حكما منه متقدماً بحكم منه متأخر.
2 - أهميته وصعوبته وأشهر المٌبَرِّزين فيه:
معرفة ناسخ الحديث من منسوخه فن مهم صعب فقد قال: الزهري: " أَعْيا الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ الحديث من منسوخه "
وأشهر المبرزين فيه هو الإمام الشافعي. فقد كانت له فيه اليد الطولى والسابقة الأولى. قال الإمام أحمد لابن وَارَةَ ـ وقد قدم من مصر ـ كتبتَ كٌتٌبَ الشافعي؟ قال: لا، قال: فَرِّطْتَ ما علمنا المٌجْمَلَ من المٌفَسَّرِ، ولا ناسخ الحديث من منسوخه حتى جالسنا الشافعي.
3 - بم يٌعْرَفٌ الناسخ من المنسوخ؟
يعرف ناسخ الحديث من منسوخه بأحد هذه الأمور:
1) بتصريح رسول الله صلي الله عليه وسلم: كحديث بٌرَيْدَةَ في صحيح مسلم " كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكِّر الآخرة ".
2) بقول صحابي: كقول جابر بن عبدالله رضي الله عنه: " كان آخِرَ الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم تَرْكٌ الوضوء مما مست النار " أخرجه أصحاب السنن.
3) بمعرفة التاريخ: كحديث شدَّاد بن أوس " أفطر الحاجم والمحجوم " نُسِخَ " بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو مُحرِمُ صائم " فقد جاء في بعض طرق حديث شداد أن ذلك كان زمن الفتح وأن ابن عباس صحبه في حجة الوداع.
4) بدلالة الإجماع: كحديث من شرب الخمر فاجلدوه فان عاد في الرابعة فاقتلوه " قال النووي:" دََلَّ الإجماع على نسخه
والإجماع لا يَنْسَخٌ. ولا يٌنْسَخَ. ولكن يدل على ناسخ.
4 - أشهر المصنفات فيه:
أ) الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار لأبي بكر محمد ابن موسى الحازمي.
ب) الناسخ والمنسوخ للإمام احمد
تجريد الأحاديث المنسوخة لابن الجوزي.
_ _ _
الفصل الثالث
الخَبَر المَرْدوٌد
المبحث الأول: الضعيف.
المبحث الثاني: المردود بسبب سقط من الإسناد
المبحث الثالث: المردود بسبب طعن في الراوي
الخبر المردود وأسباب رده
1 - تعريفه:
هو الذي لم يَتَرَجَّحْ صِدْق المٌخْبِرِ به. وذلك بفقد شرط أو أكثر من شروط القبول التي مرت بنا في بحث الصحيح.
2 - أقسامه وأسباب رده:
لقد قسم العلماء الخبر المردود إلى أقسام كثيرة، وأطلقوا على كثير من تلك الأقسام أسماء خاصة بها، ومنها ما لم يطلقوا عليها اسما خاصاً بها بل سموها باسم عام هو " الضعيف ".
أما أسباب رد الحديث فكثيرة، لكنها ترجع بالجملة إلى أحد سببين رئيسيين هما:
سَقْط من الإسناد.
طعن في الراوي.
وتحت كل من هذين السببين أنواع متعددة، سأتكلم عنها بأبحاث مستقلة مفصلة إن شاء الله تعالى مبتدئاً ببحث " الضعيف " الذي يعتبر هو الاسم العام لنوع المردود.
المبْحَثٌ الأول
" الضعيف "
تعريفه:
لغة: ضد القوى، والضعف حسي ومعنوي، والمراد به هنا الضعف المعنوي.
اصطلاحاً: هو ما لم يجمع صفة الحسن، بفقد شرط من شروطه.
قال البيقوني في منظومته:
وكلٌّ ما عن رتبة الحٌسْنِ قَصٌر فهو الضعيف وهو أقسام كٌثٌر
2 - تفاوته:
ويتفاوت ضعفه بحسب شدة ضعف رواته وخفته كما يتفاوت الصحيح، فمنه الضعيف، ومنه الضعيف جدا ومنه الواهي، ومنه المنكر، وشر أنواعه الموضوع
3 - أَوْهَي الأسانيد:
¥