ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[21 - 01 - 09, 03:52 م]ـ
خَبَر الآحاد المَقبٌول المٌتَحفٌ بالقَرائِن
1 - توطئة:
وفي ختام أقسام المقبول أبحث المقبول المحتف بالقرائن، والمراد بالمحتف بالقرائن أي الذي أحاط واقترن به من الأمور الزائدة على ما يتطلبه المقبول من الشروط.
وهذه الأمور الزائدة التي تقترن بالخبر المقبول تزيده قوة وتجعل له ميزة على غيره من الأخبار المقبولة الأخرى الخالية عن تلك الأمور الزائدة وترجحه عليه.
2 - أنواعه:
الخبر المحتف بالقرائن أنواع، أشهرها:
ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما مما لم يبلغ حد المتواتر فقد احتف به قرائن منها:
جلالتهما في هذا الشأن.
تقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما.
تلقى العلماء لكتابيهما بالقبول، وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر؟
المشهور إذا كانت له طرق متباينة سالمة كلها من ضعف الرواة والعلل.
الخبر المسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين حيث لا يكون غريبا:
كالحديث الذي يرويه الإمام احمد عن الإمام الشافعي ويرويه الشافعي عن الإمام مالك ويشارك الإمام أحمد غيره في الرواية عن الإمام الشافعي، ويشارك الإمام الشافعي كذلك غيره في الرواية عن الإمام مالك.
3 - حكمه:
هو أرجح من أي خبر مقبول من أخبار الآحاد، فلو تعارض الخبر المحتف القرائن مع غيره من الأخبار المقبولة قدم الخبر المحتف بالقرائن.
المبْحَث الثَاني
ـ تقسيم الخبر المقبول إلى معمول به وغير معمول به ـ
ينقسم الخبر المقبول إلى قسمين: معمول به وغير معمول به، وينبثق عن ذلك نوعان من أنواع علوم الحديث وهما: " المٌحْكَم ومٌخْتَلفٌ الحديث " و" الناسخ والمنسوخ "
المٌحْكَم ومٌخْتلِف الحديث
تعريف المٌحْكَم:
أ) لغة: هو اسم مفعول به " أَحْكَم " بمعني أَتْقَنَ.
ب) اصطلاحاً: هو الحديث المقبول الذي سَلِمَ من معارضة مِثْلِهِ.
وأكثر الأحاديث من هذا النوع، وأما الأحاديث المتعارضة المختلفة فهي قليلة بالنسبة لمجموع الأحاديث.
تعريف مٌخْتَلِف الحديث:
لغة: هو اسم فاعل من " الاختلاف " ضد الاتفاق، ومعنى مختلف الحديث: أي الأحاديث التي تصلنا ويخالف بعضها بعضاً في المعني، أي يتضادَّان في المعنى.
اصطلاحاً: هو الحديث المقبول المٌعَارَض بمثله مع إمكان الجمع بينهما.
أي هو الحديث الصحيح أو الحسن الذي يجيء حديث آخر مثله في المرتبة والقوة ويناقضه في يجمعوا بين مدلوليهما بشكل مقبول.
3 - مثال المٌخْتَلِف:
أ) حديث " لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ .... " الذي أخرجه مسلم مع
ب) حديث " فِرَّ من المَجذْوم فِرَارَكَ من الأسَدِ " الذي رواه البخاري.
فهذان حديثان صحيحان ظاهرهما التعارض، لأن الأول ينفي العدوى، والثاني يثبتها، وقد جمع العلماء بينهما ووفقوا بين معناهما على وجوه متعددة، أذكر هنا ما اختاره الحافظ ابن حجر، وٌمفادٌه ما يلي:
4 - كيفية الجمع:
وكيفية الجمع بين هذين الحديثين أن يقال: أن العدوى منفية وغير ثابتة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يٌعْدِي شيء شيئاً " وقوله لمن عارضه بأن البعير الأجرب يكون بين الإبل الصحيحة فيخالطها فتجرب: " فمن أعدى الأول؟ "
يعني أن الله تعالى ابتدأ ذلك المرض في الثاني كما ابتدأه في الأول. وأما الأمر بالفرار من المجذوم فمن باب سدِّ الذرائع، أي لئلا يتفق للشخص الذي يخالط ذلك المجذوم حصول شيء له من ذلك المرض بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية، فيظن أن ذلك كان بسبب مخالطته له، فيعتقد صحة العدوى، فيقع في الإثم، فأٌمِرَ بتجنب المجذوم دفعاً للوقوع في هذا الاعتقاد الذي يسبب الوقوع في الإثم.
5 - ماذا يجب على من وجد حديثين متعارضين مقبولين؟
عليه أن يتبع المراحل الآتية:
1) إذا أمكن الجمع بينهما: تَعَيَّنَ الجمعٌ،2) ووجب العمل بهما.
3) إذا لم يمكن الجمع بوجه من الوجوه.
فان عٌلِمَ أحدٌهما ناسخاً: قدمناه وعملنا به، وتركنا المنسوخ.
وان لم يٌعْلَم ذلك: رجحنا أحدهما على الآخر بوجه من وجوه الترجيح التي تبلغ خمسين وجهاً أو أكثر، ثم عملنا بالراجح.
وان لم يترجح أحدهما على الآخر: ـ وهو نادر ـ توقفنا عن العمل بهما حتى يظهر لنا مرجح.
6 - أهميته ومن يكمل له:
¥