ب) وكذلك قولهم: " هذا حديث حسن الإسناد " دون قولهم: " هذا حديث حسن ". لأنه قد يصح أو يحسن الإسناد.دون المتن لشذوذ أو علة. فكأن المحدث إذا قال: " هذا حديث صحيح " قد تكفل لنا بتوفر شروط الصحة الخمسة في هذا الحديث أما إذا قال: " هذا حديث صحيح الإسناد " فقد تكفل لنا بتوفر شروط ثلاثة من شروط الصحة وهي: اتصال الإسناد، وعدالة الرواة وضبطهم، أما نفي الشذوذ ونفى العلة عنه فلم يتكفل بهما لأنه لم يتثبت منهما.

لكن لو اقتصر حافظ مٌعْتَمَد على قوله: " هذا حديث صحيح الإسناد " ولم يٌذْكَرْ له علة، فالظاهر صحة المتن، لأن الأصل عدم العلة وعدم الشذوذ.

6_ معنى قول الترمذي وغيره " حديث حسن صحيح ".

إن ظاهر هذه العبارة مٌشْكِل، لأن الحسن يتقاصر عن درجة الصحيح، فكيف يٌجْمَعٌ بينهما مع تفاوت مرتبتهما؟ ولقد أجاب العلماء عن مقصود الترمذي من هذه العبارة بأجوبة متعددة أحسنها ما قاله الحافظ ابن حجر، وارتضاه السيوطي. وملخصه ما يلي:

1) إن كان للحديث اسنادان فأكثر فالمعني " حسن باعتبار اسناد،2) صحيح باعتبار اسناد آخر ".

3) وان كان له اسناد واحد فالمعني " حسن عند قوم،4) صحيح عند قوم آخرين ".

فكأن القائل يشير إلى الخلاف بين العلماء في الحكم على هذا الحديث، أو لم يترجح لديه الحكم بأحدهما.

7 - تقسم البَغَوي أحاديث المصابيح:

دَرَجَ الإمام البغوي في كتابه "المصابيح" على اصطلاح خاص له، وهو أنه يرمز إلى الأحاديث التي في الصحيحين أو أحدهما بقوله:" صحيح" وإلى الأحاديث التي في السنن الأربعة بقوله"حسن" وهو اصطلاح لا يستقيم مع الاصطلاح العام لدى المحدثين، لأن في السنن الأربعة الصحيح والحسن والضعيف والمنكر، لذلك نبه ابن الصلاح والنووي على ذلك، فينبغي على القارئ في كتاب " المصابيح" أن يكون على علم من اصطلاح البغوي الخاص في هذا الكتاب عند قوله عن الأحاديث:"صحيح" أو "حسن".

8 - الكتب التي من مظنات2 الحسن:

لم يفرد العلماء كتباً خاصة بالحديث الحسن المٌجَرَّد كما افردوا الصحيح المجرد في كتب مستقلة لكن هناك كتباً يكثر فيها وجود الحديث الحسن. فمن أشهر هذه الكتب:

جامع الترمذي: المشهور بـ " سنن الترمذي " فهو أصل في معرفة الحسن، والترمذي هو الذي شهره في هذا الكتاب وأكثر من ذكره.

لكن ينبغي التنبه إلى أن نٌسَخَهٌ تختلف في قوله " حسن صحيح " ونحوه، فعلى طالب الحديث العناية باختيار النسخة المحققة والمقابلة على أصول معتمدة.

سنن أبي داود: فقد ذكر في رسالته إلى أهل مكة: أنه يذكر فيه الصحيح وما يشبهه ويقاربه، وما كان فيه وَهَنُ شديد بَيَّنّهٌ، وما لم يذكر فيه شيئاً فهو صالح. فبناء على ذلك، إذا وجدنا فيه حديثاً لم يبين هو ضعفه، ولم يصححه أحد من الأئمة المعتمدين فهو حسن عند أبي داود.

سنن الدار قطني: فقد نص الدارقطني على كثير منه في هذا الكتاب.

_ _ _

الصحيح لغيره

تعريفه:

هو الحسن لذاته إذا رٌويَ من طريق آخر مِثْلٌهٌ أو أقوى منه. وسٌمى صحيحاً لغيره لأن الصحة لم تأت من ذات السند، وإنما جاءت من انضمام غيره له.

مرتبته:

هو أعلي مرتبة من الحسن لذاته، ودون الصحيح لذاته.

مثاله:

حديث " محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة "

قال ابن الصلاح: " فمحمد بن عمرو بن علقمة من المشهورين بالصدق والصيانة، لكنه لم يكن من أهل الإتقان حتى ضعفه بعضهم من جهة سوء حفظه، ووثقه بعضهم لصدقه وجلالته، فحديثه من هذه الجهة حسن، فلما انضم إلى ذلك كونه رٌويَ من أَوْجٌهِ أٌخََرَ زال بذلك ما كنا نخشاه عليه من جهة سوء حفظه، وانجبر به ذلك النقص اليسير، فصح هذا الإسناد، والتحق بدرجة الصحيح

الحَسَن لِغَيْره

تعريفه:

هو الضعيف إذا تعددت طرقه، ولم يكن سببُ ضعفه فِسْقَ الراوي أو كَذِبَهٌ.

يستفاد من هذا التعريف أن الضعيف يرتقى إلى درجة الحسن لغيره بأمرين هما:

أن يٌرْوَيٍِ من طريق آخر فأكثر، على أن يكون الطريقٌ الآخر مثله أو أقوى منه

أن يكون سببٌ ضعف الحديث إما سوء حفظ راويه أو انقطاع في سنده أو جهالة في رجاله.

مرتبته:

الحسن لغيره أدني مرتبة من الحسن لذاته.

وينبني على ذلك أنه لو تعارض الحسن لذاته مع الحسن لغيره قٌدَّمَ الحسنٌ لذاته.

حكمه:

هو من المقبول الذي يٌحْتَجٌّ به.

مثاله:

" ما رواه الترمذي وحَسَّنَه من طريق شعبة عن عاصم بن عبيد الله عن عبدالله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن امرأة من بني فَزَارَةَ تزوجت على نَعْلَيْنِ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " أرضيتِ من نَفْسِكِ ومالِكِ بنعلينِ؟ قالت: نعم، فأجاز "

قال الترمذي: " وفي الباب عن عمر وأبي هريرة وعائشة وأبي حَدْرَدٍ "

فعاصم ضعيف لسوء حفظه، وقد حسن له الترمذي هذا الحديث لمجيئه من غير وجه "

_ _ _

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015