o الحجة الناقصة: وهي الضعيف المنجبر، وهذا ما يطلق عليه في كتب الأصول، جزء حجة، فالحديث الضعيف لا يحتج به ابتداءا وإنما يحتج به إذا جاء ما يقويه، فهو لا يقوم بنفسه، كالقياس تماما، فهو لا يقوم إلا بأصل يقاس عليه … الخ من شروط القياس، ولا يمكن أن يستقل بنفسه، وعلى هذا يحمل كلام بعض الأصوليين في كلامهم عن صحة الإحتجاج بقول الصحابي، فمن قال بأن قول الصحابي حجة، لم يرد بذلك الحجة الكاملة التي تستقل بنفسها، وإنما أراد الحجة الناقصة التي تصلح للإستشهاد فقط، ومن أبرز الأمثلة التي تفسر هذه المسألة:

· قول ابن حبان في الضعفاء: لا يعجبني الإحتجاج به إلا فيما وافق عليه الثقات، فالحجة قائمة بالثقات الذين وافقهم لا به، وعليه يكون المقصود من هذا الإحتجاج الإستشهاد أو الإستئناس فقط.

· ويظهر هذا أيضا من صنيع أحمد حيث كان يرد حديث عمرو بن شعيب إذا عارضه ما هو أقوى منه وقال لإبنه عبد الله: ربما قبلت حديث عمرو بن شعيب وربما وجدت في القلب منه وفي رواية: وربما رددته، فقبول أحمد لحديث عمرو بن شعيب، لا يعني احتجاجه به منفردا، وإنما يعني الإستشهاد والإستئناس به.

نقد نص أبي داود (وليس فيه عن رجل متروك الحديث شيء):

وهذا نص أبي داود ولكن الواقع يخالف هذا، فقد وجد في "سنن أبي داود" روايات عن مجاهيل وعن ضعفاء، بل روى أبوداود في "سننه" حديثًا من أحاديث جابر بن يزيد الجعفي في السهو في الصلاة من حديث المغيرة بن شعبة وقال عقبه ليس في كتابي عن جابر الجعفي غيره، فأبوداود إذا قال بهذا فهو لم يوف بشرطه، فقد قال أبوداود: وما سكتّ عنه فهو صالح، ووجدناه سكت عن أشياء، وجاء الحافظ المنذري وبيّن ضعفها، ثم جاء الحافظ ابن القيم وبيّن ما لم يبينه أبوداود ولا المنذري، ولا يزال المجال مفتوحًا للباحثين في "سنن أبي داود"، وكذلك رواية أبي داود مباشرة عن الشخص لا تكفي، فكم من محدث قيل عنه: إنه لا يروي إلا عن ثقة، ثم تجده قد روى عن ضعيف، وعن مجهول، كما في "الصارم المنكي في الرد على السبكي". وهذه إجابة الشيخ مقبل بن هادي رحمه الله على السؤال 80 في المقترح.

قول أبي داود: (الأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير):

وقد كان أبو داود يفتخر بشهرة أحاديث كتابه فهو لا يحتج بحديث غريب وهذا يدل على أن المشهور يطلق على كل حديث خرج عن حد الغرابة والشذوذ إما بورده عن طريق آخر أو بشيوع العمل بمقتضاه، وهو خلاف ما استقر عليه المتأخرون في تعريف مصطلح المشهور (وهو ما رواه ثلاثة فأكثر_في كل طبقة_ما لم يبلغ حد التواتر). وهذا يؤكد مجددا اختلاف ألفاظ المتقدمين عن الألفاظ التي اصطلح عليها المتأخرون وسارت عليه كتب المصطلح، وهو ما أكد عليه الدكتور حمزة المليباري حفظه الله في بحثه النفيس (نظرات جديدة في علوم الحديث)، ومن أبرز الأمثلة على ذلك:

o قول ابن عبد البر في حديث المسح على الخفين: إنه استفاض وتواتر. وقد يريدون بالتواتر: الاشتهار، لا المعنى الذي فسره به الأصوليون، نقله العراقي في التقييد والإيضاح.

o تتبع الشيخ حاتم الشريف حفظه الله لفظ التواتر في كلام المتقدمين قبل استقرار المصطلح المتعارف عليه عند المتأخرين حيث قال حفظه الله: ومثل هذا الاستخدام لكلمة (المتواتر)، على المعنى اللغوي، يرد أيضاً في كلام من قبل الحاكم؛ كأبي جعفر الطحاوي أحمد بن محمد بن سلامه المصري الحنفي، المتوفى سنة 321هـ، وقبلهما وجدته في كلام الإمام البخاري، والإمام مسلم، وغيرهم.

ما روي عن أبي داود بأنه يذكر في كل باب أصح ما عرفه فيه:

وقد نقل ابن كثير في اختصار علوم الحديث هذه الرواية عن ابن الصلاح، ويؤكد هذا ما ذكره ابن مندة بأن أبا داود يخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره، لأنه أقوى عنده من رأي الرجال، وهو بذلك يقتدي بصنيع شيخه أحمد بن حنبل، ولكنه لا يعقد بابا لحديث منكر أو شديد الضعف.

مسألة: هل ما قرره ابن الصلاح من أن أبا داود يسكت عن الحسن خاص بسننه أم يجري على بقية مصنفاته؟:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015