قال يحيى بن معين: وخرج حفص بن غياث إلى عبادان وهو موضع رباط، فاجتمع إليه البصريون فقالوا له: لا تحدثنا عن ثلاثة: أشعث بن عبدالملك، وعمرو بن عبيد، وجعفر بن محمد، فقال: أما أشعث فهو لكم وأنا أتركه لكم، وأما عمرو بن عبيد فأنتم أعلم به، وأما جعفر بن محمد فلو كنتم بالكوفة فأخذتكم النعال المطرقة. وقال عبد الرحمان بن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة وسئل عن جعفر بن محمد عن أبيه، وسهيل عن أبيه، والعلاء عن أبيه: أيها أصح؟ قال: لا يقرن جعفر إلى هؤلاء (1).

وقال: سمعت أبي يقول: جعفر بن محمد ثقة، لا يسأل عن مثله. وقال أبو أحمد بن عدي: ولجعفر حديث كثير، عن أبيه، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبيه عن آبائه، ونسخ لاهل البيت، وقد حدث عنه من الائمة مثل ابن جريج وشعبة وغيرهما، وهو من ثقات الناس كما قال يحيى بن معين. وقال أبو العباس بن عقدة: حدثنا جعفر بن محمد بن هشام قال: حدثنا محمد بن حفص بن راشد، قال: حدثنا أبي، عن عمرو بن أبي المقدام، قال: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين. وقال أيضا: حدثنا عبدالله بن إبراهيم بن قتيبة، قال: حدثنا محمد بن حماد بن زيد الحارثي، قال: حدثنا عمرو بن

-------------------------------------------

* (هامش) *

(1) علق ابن أبي حاتم على قول أبي زرعة، فقال: " يريد جعفر أرفع من هؤلاء في كل معنى ".

------------------------------

ثابت، قال: رأيت جعفر بن محمد واقفا عند الجمرة العظمى، وهو يقول: سلوني، سلوني. وقال أيضا: حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي، عن يحيى بن سالم، عن صالح بن أبي الاسود، قال: سمعت جعفر ابن محمد، يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي. وقال أيضا: حدثنا جعفر بن محمد بن حسين بن حازم، قال: حدثني إبراهيم بن محمد الرماني، أبو نجيح قال: سمعت حسن بن زياد يقول: سمعت أبا حنيفة وسئل: من أفقه من رأيت؟ فقال: ما رأيت أحدا أفقه من جعفر بن محمد، لما أقدمه المنصور الحيرة، بعث إلي فقال: يا أبا حنيفة، إن الناس قد فتنوا بجعفر ابن محمد فهيئ له من مسائلك الصعاب، قال: فهيأت له أربعين مسألة، ثم بعث إلي أبو جعفر فأتيته بالحيرة، فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه، فلما بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخل لابي جعفر، فسلمت، وأذن لي، فجلست، ثم التفت إلى جعفر، فقال: يا أبا عبدالله تعرف هذا؟ قال: نعم، هذا أبو حنيفة، ثم أتبعها: قد أتانا، ثم قال: يا أبا حنيفة؟ هات من مسائلك، نسأل أبا عبدالله، وابتدأت أسأله، وكان يقول في المسألة: أنتم تقولون فيها كذا وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا، ونحن نقول كذا وكذا، فربما تابعنا وربما تابع أهل المدينة، وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخرم الله عنه هذه العمود ذهبا، يعني سارية من سواري المسجد (1).

وقال معبد بن راشد، عن معاوية بن عمار الدهني: سألت جعفر بن محمد عن القرآن، فقال: ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله عزوجل. وقال حماد بن زيد، عن أيوب: سمعت جعفرا يقول: إنا والله لا نعلم كل ما تسألونا عنه، ولغيرنا أعلم منا. وقال محمد بن عمران بن أبي ليلى، عن مسلمة بن جعفر الاحمسي، قلت لجعفر بن محمد: إن قوما يزعمون أن من طلق

* (هامش) *

(1) هذه الاخبار يعضد بعضها بعضا وكلها تشير من غير شك ولا لبس إلى موقف أهل البيت الطاهرين من الشيخين أبي بكر وعمر ومحبتهم لهما، وأن كل ما ينسب إليهم من أقوال تخالف ذلك فهو محض افتراء عليهم، وكان جعفر بن محمد يغضب من الرافضة ويمقتهم إذا علم أنهم يتعرضون لجده أبي بكر ظاهرا وباطنا، وهو أمر لاريب فيه، فرضي الله عنهم أجمعين وحشرنا معهم يوم الدين، فقد كانوا زينة عصورهم.

----------------------------------------

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015