ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[24 - 03 - 08, 01:18 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم.
وربما يوجد من هذا أكثر مما نقلتَ -وفقك الله-، سواء في البخاري وغيره.
وأود التنبيه إلى أنه لم يدَّعِ أحدٌ -فيما أعرف-:
- أن شعبة روى كلَّ مسموعات قتادة لم يفُته منها شيء تحمُّلاً، ولم يترك منها شيئًا أداءً،
- ولا أن كل روايات شعبة عن قتادة قد بلغتنا.
وإن لم نجد روايةَ شعبةَ للروايات التي نقلتَ عن قتادة؛ فيُحتمل جدًّا أن الأئمة اكتفوا بتصريح قتادة فيها بسماعه عن تخريج رواية شعبة لها عنه، حيث إن رواية شعبة عن قتادة -كما هو معروف- قائمة مقام تصريحه بالسماع، إذْ كان لا يروي عن قتادة إلا ما سمعه من شيوخه.
وإذا كان شعبة يقول: (كنت أتفطن إلى فم قتادة، فإذا قال: حدثنا؛ كتبت، وإذا قال: حَدَّثَ؛ لم أكتب)؛ فمفاد هذا: أن الأصل فيما لم يروِهِ شعبةُ عن قتادة: أن قتادة لم يسمعه من شيخه -في رأي شعبة-، ولا يُخرَج عن هذا الأصل إلا في أحوال دلَّتنا القرائن فيها على أن عدم وجود رواية شعبة عن قتادة للحديث ليس للانقطاع، بل لأمر آخر (ككون روايته عنه مفقودة لم نقف عليها، أو كونه فاته الحديث عن قتادة، أو لم ينشط للتحديث به ... إلى غير ذلك)،
ومن الأحوال التي أعني: كون قتادة صرح بالتحديث، أو كونه توبع عليه ... ونحو ذلك مما يثبت عدم تدليس قتادة للحديث.
ولقتادة أحاديث عن بعض شيوخه حكم بعض الأئمة بالانقطاع فيها، وعند النظر في هذه الروايات المشكوك فيها -اتصالِها من انقطاعِها-؛ فمن المهم والأساسي النظرُ في تعامل شعبة معها، فإن صح أنه رواها عن قتادة؛ كان الحكم بانقطاعها محلَّ نظر وبحث وتأمل، وإن لم توجد لشعبة روايةٌ لها عن قتادة؛ تأكَّد أنه تنكَّب عنها لانقطاعها، خاصةً إذا كانت السلسلة من نوادر قتادة التي يحرص عليها تلاميذه؛ لصحَّتها، أو علوِّها، أو غرابة أحاديثها أو قلّتها ... إلى غير ذلك من الأسباب.
وليس تنكُّب شعبة لحديث قتادة بمعتَمَدٍ وحدَهُ في ذلك، لكنه قرينة قوية، ولا بد -في غالب الظن- أن يجد الباحث ما يؤيدها ويتأيد بها.
والله أعلم.
ـ[أبو مريم طويلب العلم]ــــــــ[24 - 03 - 08, 02:08 م]ـ
سلام عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
وأود التنبيه إلى أنه لم يدَّعِ أحدٌ -فيما أعرف-:
- أن شعبة روى كلَّ مسموعات قتادة لم يفُته منها شيء تحمُّلاً، ولم يترك منها شيئًا أداءً،
- ولا أن كل روايات شعبة عن قتادة قد بلغتنا.
وإن لم نجد روايةَ شعبةَ للروايات التي نقلتَ عن قتادة؛ فيُحتمل جدًّا أن الأئمة اكتفوا بتصريح قتادة فيها بسماعه عن تخريج رواية شعبة لها عنه، حيث إن رواية شعبة عن قتادة -كما هو معروف- قائمة مقام تصريحه بالسماع، إذْ كان لا يروي عن قتادة إلا ما سمعه من شيوخه.
وإذا كان شعبة يقول: (كنت أتفطن إلى فم قتادة، فإذا قال: حدثنا؛ كتبت، وإذا قال: حَدَّثَ؛ لم أكتب)؛ فمفاد هذا: أن الأصل فيما لم يروِهِ شعبةُ عن قتادة: أن قتادة لم يسمعه من شيخه -في رأي شعبة-، ولا يُخرَج عن هذا الأصل إلا في أحوال دلَّتنا القرائن فيها على أن عدم وجود رواية شعبة عن قتادة للحديث ليس للانقطاع، بل لأمر آخر (ككون روايته عنه مفقودة لم نقف عليها، أو كونه فاته الحديث عن قتادة، أو لم ينشط للتحديث به ... إلى غير ذلك)،
ومن الأحوال التي أعني: كون قتادة صرح بالتحديث، أو كونه توبع عليه ... ونحو ذلك مما يثبت عدم تدليس قتادة للحديث.
الصواب أن تقول:
{أن الأصل فيما لم يروِهِ شعبةُ عن قتادة - مما سمعه شعبة من قتادة - أن قتادة لم يسمعه من شيخه -في رأي شعبة-، ولا يُخرَج عن هذا الأصل إلا في أحوال دلَّتنا القرائن فيها على أن عدم وجود رواية شعبة عن قتادة للحديث ليس للانقطاع، بل لأمر آخر (ككون روايته عنه مفقودة لم نقف عليها، أو كونه فاته الحديث عن قتادة، أو لم ينشط للتحديث به ... إلى غير ذلك)،}
والله تعالى أعلم
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[24 - 03 - 08, 09:02 م]ـ
بارك الله فيك،
إذا كنا سنشترط لإعمال ذلك الأصل أن نعلم أنَّ شعبة سمع الحديث من قتادة ثم لم يروه عنه، فإنَّ ذلك سيضيق الدائرة جدًّا، ويهدر تحقق شعبة مما سمعه قتادة وما لم يسمعه، ويلغي ثمرته العملية،
فكيف نعرف أن شعبة سمع الحديث من قتادة ما دام لم يروه عنه؟ إلا بنصٍّ منه، أو من أقرانه، أو من أحد الأئمة، وذلك نادرٌ واقعًا -هذا إن وُجد-،
ومن ثمَّ؛ فلن يكون لتفقّد شعبة سماع قتادة ثمرة عملية إلا في هذه المواضع النادرة، وهذا هدر غير مقبول لهذا الجهد العظيم من هذا الإمام الجهبذ.
نعم، يُسلَّم أنه لا يُدَّعى أن شعبة سمع كل حديث قتادة، فروى ما سمعه قتادة وترك ما لم يسمعه،
لكن رجلاً مثل شعبة في ملازمته لقتادة، وفي تقديم الأئمة له فيه، وفي حرصه الشديد على حديث قتادة وتفقّده إياه حديثًا حديثًا، كل هذا لا يؤثر في جانبه أحاديثُ يحتمل أن شعبة لم يسمعها من قتادة.
ولا يؤثر ذلك أيضًا على أن الأصل في انصراف شعبة عن رواية أحاديث عن قتادة: ما ذكره هو نفسه، من أن ذلك لأن قتادة لم يسمعها من شيوخه فيها.
بل يمكن أن يقال -اعتمادًا على ما سبق من مكانة شعبة في قتادة-: إن الأصل فيما لم يروه شعبة عن قتادة: أن شعبة سمعه من قتادة، وترك روايته لأن قتادة لم يسمعه من شيخه، إلا إذا تبيَّن أن شعبة لم يسمعه منه، أو أن قتادة سمعه ولم نقف على إسناد رواية شعبة عنه لما سبق ذكره من أسباب.
فكيف إذن والحال أن الإسناد نادرٌ عزيز، وليس لقتادة به إلا أحاديث معدودة، وهو مما يحرص عليه النابهون من طلبة قتادة؟! فإذا لم تأتِ لشعبة روايةٌ له؛ فلك أن تجزم أنه سمعه منه ثم انصرف عنه.
ويُنتبه إلى أن كلَّ ذلك قرينةٌ قوية في الانقطاع، لا دليلاً معتمدًا بذاته، وتعاضد القرائن سبيل إلى الجزم بمقتضاها.
والله أعلم.