على أنه لو كان من رواه عن الثوري ـ غير خالد ـ ثقةً؛ لما صح؛ ـ والحالة هذه ـ أن تصحح رواياتهم، أو يقوى بعضها بعضاً؛ لما سبق من أن كل من رواه عن الثوري ـ غير خالد ـ، إنما أخذه عن خالد، ثم دلسه، فعاد الحديث حينئذ إلى خالد الوضاع، وصارت هذه المتابعات صورية، لا حقيقة لها في الواقع، فكيف وهو ضعفاء؟!
وقد سبق الإشارة إلى أن الشيخ الألباني ـ حفظه الله ـ قد أعل هذه المتابعات بتلك العلة، وأنه قال في متابعة أبي قتادة الحراني ما نصه:
" يحتمل احتمالاً قوياً أن يكون تلقاه عن خالد بن عمرو، ثم دلسه، كما قال ابن عدي (8) في متابعة ابن كثير ".
وأما المرسل المذكور؛ فلو صح أنه مرسل، وليس معضلاً كما في بعض الروايات، لما صلح أيضاً لتقوية الحديث؛ لتقاعد الروايات الأخرى عن حد الاعتبار.
بل الظاهر؛ أن هذا المرسل هو أصل هذا الحديث، وأنه لا يصح إلا مرسلاً (9).
------------------------------------
هوامش الشيخ طارق:
(1) كما في " المنتخب من علل الخلال " (رقم: 1) بتحقيقي.
(2) في " الضعفاء " له (2/ 11).
(3) في " الكامل " (3/ 902).
(4) ووقع الحافظ ابن حجر ـ عليه رحمة الله ـ في مثل هذا، في حديث عائشة في كفارة المجلس، فقال في " النكت على ابن الصلاح " (2/ 734):
" أخرجه: أبو أحمد العسال في " كتاب الأبواب "، من طريق عمرو بن قيس، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ؛ وإسناده حسن ".
وكنت أتعجب من هذا الإسناد؛ كيف لم يشتهر مع نظافته وثقة رواته، وكان مما يزيدني تعجباً تحسين الحافظ بن حجر له.
ثم وقفت على علته بفضل الله تعالى.
فقد وجدت الدارقطني أخرجه في " الأفراد " (344/أ ـ أطرافه) من هذا الوجه، وقال: " غريب من حديث أبي إسحاق عنه، تفرد به عمرو بن قيس، وتفرد به محمد بن كثير الكوفي عنه ".
فظهر بهذا؛ أن الحديث يرويه هذا الكوفي عن عمرو بن قيس، وهو المتفرد به عن عمرو، والكوفي هذا متروك، وهو مترجم له في " تهذيب التهذيب " ـ تمييزاً ـ و " اللسان ".
ولعل الحافظ ابن حجر اشتبه عليه بـ " محمد بن كثير العبدي " الثقة، فلم يبرزه في الإسناد على أساس أنه ثقة، ولا يخشى من جانبه. والله أعلم.
ووقع أيضاً نحو هذا الاشتباه على بعض الرواة، وقد بين ذلك أبو زرعة الرازي؛ فيما حكاه عنه البرذعي (2/ 734 - 735). و وبالله التوفيق.
(5) في " العلل " (1815).
(6) وهناك ثالث؛ وهو مهران بن أبي عمر الرازي.
ذكره الخطيب؛ كما في " جامع العلوم والحكم " (2/ 175).
ومهران هذا؛ ضعيف الحفظ، لاسيما في حديث الثوري؛ فإنه يضطرب فيه، كما قال ابن معين وغيره.
(7) هو: إبراهيم بن محمد بن أحمد الهمداني، راويه عن عمر بن إبراهيم المستملي.
(8) كذا؛ وقائل هذا إنما هو العقيلي، فتنبه.
(9) انظر: أمثلة أخرى، في " الضعيفة " (2/ 88 - 96 - 97) و " المنار المنيف " (ص 22).
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[05 - 07 - 07, 06:42 م]ـ
يُستفاد - واستفدت حيث أشرت - في دراسة هذا الحديث من بحث الشيخ د. ناصر بن عبد اللطيف البابطين في كتابه " الأحاديث المعلّة في كتاب الحلية لأبي نعيم الأصبهاني " (2/ 963 - 974).
وفيه تصويبات مهمة للتحريفات والتصحيفات الواقعة في المطبوع من الحلية.
كما أن للشيخ عادل السعيدان رسالةً مفردة في هذا الحديث وحديث السوق، لم أطلع عليها، وقد أشار إليها الألباني - رحمه الله - في مقدمة المجلد الثاني من الصحيحة (ص13).
ـ[محمد النعامي]ــــــــ[06 - 07 - 07, 09:21 ص]ـ
الشيخ محمد
أحسن الله إليك ونفع بك،
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[07 - 07 - 07, 06:08 م]ـ
الأخ الكريم محمدًا: وإليك أحسن، وبك نفع.
والحق أني أضع ما أضعه من بحوث لأستفيد من ملحوظاتكم وتعليقاتكم وتنبيهاتكم بالدرجة الأولى، وذلك أحبّ إلي كثيرًا من كثير من الثناء.
وأفرح كثيرًا - كذلك - بإضافات الإخوة المشايخ فوائدهم وما لديهم من زيادات وإحالات، وكذا الاستشكالات والنقاشات، فكل ذلك مفيدٌ غاية.
بارك الله فيكم ووفقكم.
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[11 - 07 - 07, 01:41 م]ـ
جزاك الله خيرا
وقد وقفت اليوم على تخريج الشيخ محمد الأحمدي أبي النور لهذا الحديث في تحقيقه لجامع العلوم والحكم (2/ 845) وقرأته بعجالة
والكتاب موجود هنا
http://www.archive.org/details/jamiheloum
واستبان للمحقق أن:
-الحديث لا يصح عن عبد الله بن عمر ولا عن أنس
-الحديث مشهور عن سهل بن سعد وله طرق مختلفة عنه، وتلك الرواية تقبل الجبر بالمرسل الجيد من حديث مجاهد بن جبر. هذا باستثناء طريق خالد بن عمرو
وهذا خطأ بلا شك، لأن قد بينت أن متابعات خالد بن عمرو عن الثوري عائدة إليه -أي إلى خالد- وأن رواية زافر مضطربة
لكن قد اسفدت فائدة يسيرة من تخريجه وهو: حتى لو كان طريق مجاهد عن أنس محفوظا فإنه ضعيف، لأن في سماع مجاهد من أنس نظرا.
والله أعلم
¥