- الأول: أن العمدة في حكمنا على الراوية بالثبوت من عدمه، هي العلم بأحوال الرواة، واحتمال أن يصدق الكاذب، أو يصيب الواهمُ، احتمال لم ينشأ من دليلٍ يرجع إليه، فلا يعوَّلُ عليه.
- الثاني: أن العقيلي قد جزم أنه ليس له عن الثوري أصل، وقال: لعل محمد بن كثير دلَّسهُ عن خالد بن عمرو، فلا يكون متابعًا له، والتباس هذا الأمر، لعله الذي دفع بعض الحفاظ إلى تحسين الحديث، فقد حسنه النووي في (الأذكار)، والعراقي في (أماليه)، كما في (الفتوحات الربانية) (7/ 337)، وهو ظاهر قول السخاوي في (المقاصد)، ونقل ابن علان في (الفتوحات) (7/ 338) عن ابن حجر الهيثمي الفقيه أنه قال: (يجابُ بأن ذلك الراوي - يعني خالدًا - ذكره ابنُ حبان في (كتاب الثقات)، ولو سلم أنه ضعيفٌ، فلم ينفرد به، بل رواه آخرون غيره، فالتحسين إنما جاء من ذلك، ولو قيل: إن هؤلاء كلهم ضعفاء، إذ غايةُ الأمر أنه حسنٌ لغيره لا لذاته، وكلاهما يُحتَجُّ به، بل بعض رواته هؤلاء وثقه كثيرون من الحفاظ). اهـ.
وليس فيما قاله شيءٌ من التحقيق، فهو بالردّ حقيق! والعجيب أنه بدأ المقالة بتوثيقه، ولو سلم أنه ضعيفٌ فلم ينفرد به، مع أنه يعلم أن الحفاظ استقطوه، والواحد منهم أثبت من ابن حبان، فكيف بهم مجتمعين!!
وسامح الله ابن حبان يدخل مثل هذا في كتاب (الثقات)، ويشحُّ على بقية بن الوليد، فلا يذكره فيه!!
واتفق العلماء على إسقاط خالد بن عمرو؛ منهم أحمد، وابن معين، والبخاري، وأبو زرعة، والنسائي، وأبو داود، والساجي، وصالح جزرة، وأبو حاتم، وآخرون.
بل إنَّ ابن حبان - الذي تعلق الهيتمي بتوثيقه - ذكر خالدُا في (المجروحين) (1/ 283)، وقال: (كان ممن ينفرد عن الثقات بالموضوعات، لا يحلُّ الاحتجاجُ بخبره، تركه يحيى بن معين). اهـ.
وأغلَبُ المتأخرين ممن لم يتعانَ النقد الحديثي يظن أن مجرد تعدد الطرق يقوي الحديث، كما فعل الهيتمي، غير ناظرٍ إلى قدر الضعف، وهل هو شديدٌ أم خفيفٌ، وكم من أحاديث ضعيفة، بل موضوعة صححت أو حسنت بسبب الغفلة عن اصطلاح أهل الحديث، فلا قوة إلا بالله، فيظهر من التحقيق أنه لا حجة لمن قوى الحديث، تصحيحًا أو تحسينًا، ونقل ابن علان في (الفتوحات) (7/ 337) عن الحافظ قوله: (حديث سهل لا يصحُّ، ولا يطلق على إسناده أنه حسنٌ). اهـ.
انتهى.
تنبيه: ما ذكره الشيخ الحويني بخصوص ابن المغلس استدركه الشيخ الألباني - رحمه الله - على نفسه في الطبعة الجديدة للمجلد الثاني من الصحيحة.
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[30 - 06 - 07, 11:19 ص]ـ
بارك الله فيك أخي محمد ...
يعجبني الترتيب في كتابة البحوث وخصوصا تخريج الأحاديث , فبعض المواضيع لا تقرأها لسوء ترتيبها ...
أسأل الله العظيم أن يبارك في علمكم وينفع به أمة محمد ..
ـ[أبو ثابت]ــــــــ[30 - 06 - 07, 12:33 م]ـ
أحسنت، وبارك الله فيك
جهد طيب لا حُرمت أجره.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[30 - 06 - 07, 04:31 م]ـ
وفيكما بارك الله أخويّ الكريمين.
وهذا كلام الشيخ الفاضل طارق بن عوض الله - رعاه الله - على الحديث في كتابه النفيس: الإرشادات (ص421 - 427):
قال:
فهذا الحديث؛ قد رواه خالد بن عمرو هذا عن الثوري، وخالد هذا متروك الحديث، وقد كذبه غير واحد من الأئمة.
وتفرد مثل هذا، عن مثل الثوري، بمثل هذا الإسناد، مما يكفي لسقوطه واطراحه.
ولهذا؛ أنكره عليه الإمام أحمد بن حنبل (1)، وكذا العقيلي وابن عدي وغيرهم من النقاد.
وخفي على الحاكم أمره، فصحح إسناده في " المستدرك " (4/ 313)، فتعقبه الذهبي قائلاً: " خالد وضاع ".
لكن؛ رواه غير خالد هذا عن الثوري، وتبين بالتتبع أن من تابعه، إنما أخذ الحديث منه، ثم دلسه، وارتقى بالحديث إلى الثوري، فعاد الحديث حينئذ إلى حديث خالد، فلا تعدد ولا متابعة.
فمن هؤلاء: محمد بن كثير الصنعاني.
قال العقيلي في ترجمة خالد بن عمرو (2):
" ليس له من حديث الثوري أصل، وقد تابعه محمد بن كثير الصنعاني، ولعله أخذه عنه ودلسه؛ لأن المشهور به خالد هذا ".
وقال ابن عدي (3):
¥