أقول: رجعنا إلى ((النكت)) (2/ 716 - فما بعد) وقد خرَّج الحافظ القصة وبيَّن بعض أوهامٍ للحاكم فيها، وتكلم على الحديث، ولكنا وجدنا فيها سلمك الله: أن في رواية الحاكم لها - وهي منتقدة -: ((دعني حتى أقبِّل رجليك يا أستاذ الأستاذين! …)) الخ. فطلب فحسب، وليس فيها أنه أخذ يُقبل رجليه كما ادعاه الشارح، وللحافظ ملاحظات على رواية الحاكم للقصة، ثم خرَّجها من ((الإرشاد)) للخليلي، وفيها: ((وقبَّل رأسه وكاد أن يبكي)).

فالحاصل: لم نجد فيها فعلَ تقبيل الرجلين، وهذا - كما تقدم في موضع سابق - من تصرفات وزيادات غير لائقة من الشارح في الوقائع والقصص. والقصة في ((الإرشاد)) (3/ 960 - 961)، و ((المعرفة)) للحاكم (ص114).

وقد تكلم فيها العراقي ونقدها سندًا ومتنًا في ((التقييد والإيضاح))

(103)، وذهب إلى ضعفها، وخالفه الحافظ في ((النكت))، فراجعه.

27 - قال الشارح (ص96): ((الحديث الذي فيه أن الخرور على اليدين في الصلاة هو السنة ظاهر الحديث أنه حسن الإسناد؛ لكن البخاري قال

عنه: منكر)).

قلت: لم يذكر الأخ الشارح أي حديث هذا الذي يقصده، والذي يغلب على الظن أنه يريد ما رواه البخاري في ((التاريخ الكبير)) (1/ 139) رقم (418) وقال عقبه: ((ولا يتابع عليه، ولا أدري سمع من أبي الزناد أم لا)). وهو حديث أبي هريرة، فليس فيه قول البخاري: ((منكر))! فإذا كان عند أخينا موضع آخر لحديث آخر، أو كلام آخر للبخاري في هذا الحديث فليطلعنا عليه، والله أعلم.

28 - قال الشارح (ص100) عن حديث: ((من كثرة صلاته)):

((وهذا الحديث بهذا الإسناد قد يحسنه بعض العلماء؛ لأن ثابتًا صدوق وشريكًا صدوق في حفظه كلام، فقد يحسن الحديث بعض العلماء، وفي الحقيقة أن هذا الحديث موضوع بطريق الخطأ)) اهـ.

قلت: هذا الحديث بهذا الطريق من أين يأتي تحسينه؟ ومَنْ مِنْ العلماء حسنه بهذا الإسناد فقط؟ وثابت بن موسى كذَّبه ابن معين، وأمسك أبو حاتم وأبو زرعة الرواية عنه، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. ((الجرح))

(2/ 458).

وفي ((تهذيب الكمال)) (4/ 379) عن محمد بن عبد الخضري: ((وكان ثقة يخضب)).

وقال ابن حجر في ((التقريب)) رقم (839): ((ضعيف الحديث)). فقول الأخ: ((صدوق)) فيه نظر!

وأما الحديث بطرقٍ أخرى فله طرق حاول السيوطي حشدها في ((اللآلي المصنوعة))، وهي بحاجة لتتبع ونقد (2/ 29 - 30)، وهو تبع القضاعي وزاد عليها طريقًا آخر.

كما رواه البيهقي بهذا السند في ((الشعب)) (3/ 129) رقم (3095)، ونقل (ص130) قال: ((قلت لمحمد بن عبد الله بن نمير: ما تقول في ثابت بن موسى؟ قال: شيخ له فضل وإسلام ودين وصلاح وعبادة)).

فهذا ثناء في دينه، وذلك جرح في حفظه وروايته، والله الموفق.

وانظر: ((مسند الشهاب)) (1/ 252 - 258)، وما قاله السخاوي في

((فتح المغيث)) (1/ 311 - 314). وكن أيها القارئ على ذكر أن الشارح يتكلم عن طريق واحدة لا عن عدة طرق.

وقد ذكر القصة الخليلي رحمه الله في ((الإرشاد)) (1/ 168 - 169) - وهو يمثل لما تفرد به غير حافظ يضعف من أجله وإن لم يتهم بالكذب - فقال:

((ومثل هذا قد يقع لمن لا معرفة له بهذا الشأن ولا إتقان، وقد وقع لشيخ زاهد ثقة بالكوفة يقال له: ثابت بن موسى؛ دخل على شريك بن عبدالله القاضي …)). فذكر القصة وقال: ((فظن ثابت أن ما تكلم به شريك من قبل نفسه هو حديث عن النبي ? بهذا الإسناد، فرواه عن شريك بعده، وسمع منه الكبار، وسرقه جماعة من الضعفاء فرووه عن شريك، وصار هذا حديثًا يُسأل عنه، والأصل فيه ما شرحناه)).

ومعنى قوله: ((ثقة)) أي: لا يتعمد الكذب.

29– قال الشارح (ص107) عن شعبة وسفيان: ((وكلاهما

إمام في الحديث، ولا نستطيع أن نرجح أحدهما على الآخر، فهما

متساويان …)) الخ. وكررها (ص109): فقال: ((لأن شعبة وسفيان متساويان)).

وأقول - وبالله التوفيق -: ما ذكره الشارح غير صواب، ويدل على عدم درايته بمراتب الثقات والحفاظ من الأئمة، وعدم تمرس وقراءة في كتب الرجال، ولو رجع الأخ إلى ترجمة سفيان لما قال ما قال، وهاك بعض الأقوال في ترجيح سفيان على شعبة وتقديمه عليه. راجع فيها ((الجرح والتعديل)) (1/ 63ـ 68):

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015