5 - قال الشارح - وفقه الله - متحدثًا عن ((كشف الخفاء)) للعجلوني:
((لأنه حاول أن يختصر كتاب السخاوي وزاد عليها بعض الأحاديث)).
(ص20 - 21).
قال مقيده - غفر الله له -: هذا التعبير فيه قصور من وجهين:
الأول: قوله: ((حاول أن يختصر))، وكأنه لما يفعل أو لما يحقق ما حاوله ورام إليه وقصد إليه، مع أن العجلوني قال: ((ومن ثم لخصته في هذا الكتاب، مقتصرًا على مخرج الحديث وصحابيه، رومًا للاختصار غير مخل إن شاء الله تعالى بما اشتمل عليه مما يستطاب أو يستحسن عند أئمة الحديث الأخيار)). ((كشف الخفاء)) (ص7).
فأقول: العجلوني فعلاً اختصر ولخّص وزاد وأضاف، ولم يحاول
فحسب!
الثاني: قوله: ((بعض الأحاديث)). وهذا قصور عجيب في التعبير كيف يقال: ((بعض))، وقد زاد (1925) حديثًا؟! فهل هذا
((بعض))؟! والله المستعان.
وإني لآسف أن يكون (أبو غدة) أدقَّ تعبيرًا منك عندما قال في كتابه
((لمحات من تاريخ السنة)) (ص231): ((وقد زاد فيه على كتاب السخاوي زيادة كبيرة من الأحاديث الموضوعة وغيرها)).
6 - قال الشارح - عفا الله عنه -: ((العزيز: ما رواه راويان، ولو في طبقة من طبقات السند)). (ص21).
قال مقيده - كان الله في عونه -: لو قيّد الشارح هذا التعريف بالعزيز المقيد، أي يقال: عزيز من حديث فلان، الراوي الذي روى عنه اثنان.
أما إن قصد اختيار هذا التعريف للعزيز بإطلاق فكان عليه أن يشير إلى كلام العلماء في ذلك، وأقرب مصدر وكلام هو لابن حجر في ((النزهة))، فقد عرفه بقوله: ((وهو أن لا يرويه أقل من اثنين عن اثنين)) ((النزهة))
(ص64).
وقد ذكر الخلاف في ذلك السخاوي في ((فتح المغيث)) (4/ 6 - 8)، وذكر كلام شيخه ابن حجر ثم قال: ((وإذا تقرر هذا؛ فما كانت العزة فيه بالنسبة لراوٍ واحدٍ انفرد راويان عنه يقيد فيقال: عزيز من حديث فلان، وأما عند الإطلاق فينصرف لما أكثر طباقه كذلك …)) الخ، فراجع كلامه وبحثه بطوله. المصدر السابق (4/ 7).
وعلى كلٍّ؛ كان على الشارح أن يقيد، فإن اختار هذا التعريف للعزيز المطلق كان من حق الطالب والقارئ عليه أن يذكر الخلاف في ذلك على ما سبقت الإشارة إليه، والله الموفق.
7 - قال الشارح - وفقنا الله وإياه - وهو يذكر القرائن التي بها يفيد حديث الآحاد العلم النظري: ((القرينة الرابعة: صحة الإسناد، فإن صحة الإسناد تجعلنا نقول: إن الحديث يفيدنا العلم النظري)). (ص28).
قال مقيده أبو العباس - وفقه الله -: ظاهر صنيع الشارح (ص26) وقوله: ((والحافظ ابن حجر يرى أن أحاديث الآحاد قد تفيد العلم النظري بالقرائن، وهذه القرائن أنواع …)) الخ.
أقول: ظاهر هذا أن الحافظ هو الذي عدّ هذه القرائن قائلاً بها، وبالرجوع لشرح الحافظ - وهو ((النزهة)) - نجده لم يذكر إلا ثلاثًا، ثم أعادها ملخصة (ص78)، وتفرد أخونا الشارح فزاد القرينة الرابعة، وهي صحة الإسناد!
والذي يعرفه صغار الطلبة أنّ الخلاف في حديث الآحاد هل يفيد العلم أم لا إنما هو في حديث الآحاد الذي صح سنده، وأما الضعيف فأوّل من قذف علينا هذه القذيفة هو فضيلة الشارح كما هو بيّن واضح من كلامه.
ثم هذا الكلام في القرينة الرابعة غريب عجيب مضطرب متناقض!
فها هو الشارح قبل ذلك (ص27) تحدث فقال عن القرينة الثانية: ((فهذه الطرق إذا كانت صحيحة فكل واحدةٍ منها إذا انضمت للأخرى …)) الخ كلامه.
إذًا؛ فالقرينة الثانية - وهو تعدد الطرق - يُشترط كونها صحيحة، فكيف تكون صحة السند بعد ذلك قرينة؟ وهل إذا جاء حديث آحاد صحيح الإسناد يكون عند الشارح مفيدًا للعلم، بل وعند ابن حجر كما نسبه إليه الشارح؟!
الجواب له هو!
و مسألة حكم حديث الآحاد - ومتى يفيد العلم ومتى لا يفيد؟ - فيها كلام لأهل العلم، فمنهم من ذهب إلى إفادته العلم مطلقًا، كما اختاره ابن حزم، وانظر كلام الشيخ أحمد شاكر في ((الباعث))، ومنهم من قال بإفادته لذلك إذا احتفت به القرائن، ولكن هذا كله بعد صحة سنده وثبوته، فليست الصحة إذًا من القرائن، فافهم!
¥