? تنبيه: وللأمانة العلمية التي ننشدها من الجميع أقول: وجدت الأخ سعدًا في ((الفتاوى الحديثية)) (1/ 200) تكلم عن ((المسند)) للشافعي، فقال: ((أقول: هذا الكتاب المسمى بمسند الإمام الشافعي هو صحيح بالنسبة لرواية الشافعي لهذه الأحاديث، ولكن الشافعي لم يؤلِّف هذا ((المسند))، وإنما ألفه أحد الخراسانيين، فقد استلَّه من كتب الشافعي، كالأم وغيره، وكل حديث يأتي به الشافعي بسنده يأتي به هذا ويرتبه على مسانيد، وسمي ((مسند
الشافعي)))).
قلت: أصاب لما ذكر أنه بعض الخراسانيين، ولكنه زاد القضية الثانية توكيدًا، وهي أن في ((المسند)) كل حديث أتى به الشافعي في كتبه، وهذا باطل كما تقدم في كلام الحافظ ابن حجر، والله أعلم بالصواب.
? تنبيه ثان: أوقفني الشيخ الفاضل ساعد غازي على موضع في
((المعرفة)) (2/ 159) للبيهقي قال فيه: ((إلا أن أبا العباس الأصم لم ينقله إلى
((المسند)))). وهذا قد يستأنس به من رجح أنه من جمع الأصم، كما رآه الشيخ أحمد البنا، كما سيأتي. والله أعلم.
? ثالثًا: قوله: ((وهكذا كتاب السنن)). السؤال هو: هل يعني أن ((كتاب السنن)) جمعه نفس ذلك التلميذ؟ أم يعني أنه على نفس الحكم في كونه لم يجمعه الشافعي وإنما جمعه بعض طلبته؟ أم ماذا؟
فالحاصل أن العبارة هكذا لم تكن واضحة ولا شافية.
فكتاب السنن هذا هل يقصد به رواية حرملة؟ أم رواية المزني؟ أم
غيرهما؟
فقد ذكر البيهقي في كتابه السابق (ص152) حديثًا ثم قال: ((وقد أورده في كتابه ((السنن)) الذي رواه عنه المزني وغيره على الصحة، وبالله التوفيق)).
و ((السنن)) من رواية المزني رواها عنه الطحاوي، وقد طبعت في مجلد بتحقيق عبد المعطي قلعجي، الطبعة الأولى عام 1406 هـ.
وفي ترجمه أحمد بن طاهر بن حرملة بن يحيى المصري حفيد حرملة صاحب الشافعي ذكره ابن حبان في كتاب ((المجروحين)) , وبعد أن ذكر ما قيل فيه واتهام بعضهم له بالكذب قال: ((فأما كتاب السنن التي رواها عن الشافعي فهي كلها صحيحة في نفسها من كتب حرملة من المبسوط أو سمع من جده تلك)) () اهـ.
وقد قال الدارقطني عن أحمد بن طاهر هذا: ((مصري يكذب)).
كما أن هناك كتاب ((السنن)) الذي ألفه عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني، وهو متهم بالكذب. قال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (2/ 495) رقم (4567): ((وقال الحاكم، عن الدارقطني: كذاب! ألّف كتاب ((سنن الشافعي))، وفيها نحو مائتي حديث لم يحدث بها الشافعي)).
وأقرّ هذا الكلام الحافظ في ((لسان الميزان)) (4/ 133) رقم (4807)، وانظر ترجمته للفائدة.
كما أن كتاب ((السنن)) لحرملة كثر عزو العلماء إليه بما هو مذكور في كتب الشافعية، ومن فعل البيهقي في ذلك قوله في كتابه ((بيان خطأ من أخطأ على الشافعي)) عن حديثٍ (ص173): ((وكذلك رواه حرملة بن يحيى في كتابه السنن)) اهـ.
وقال في (ص285) عن حديثٍ آخر: ((وقد روى المزني رحمه الله هذا الحديث في كتابه السنن على الصحة)) اهـ.
وبعد هذا أقول: أي سننٍ يقصدها الشارح بكلامه؟! وإن كان الظاهر عندي أنه يقصد ((السنن)) برواية المزني؛ لأنها المشهورة والمطبوعة، ولكن لا بد من التوضيح، فإن المقصود من الدروس والشروح هو التعليم والإفهام لا التعمية والإبهام، والله الموفق لا رب سواه.
? فائدة: وقد قام الشيخ أحمد بن عبدالرحمن البنا الشهير بالساعاتي رحمه الله بالجمع بين هذين الكتابين للشافعي، وسماه ((بدائع المنن في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن))، ووضع عليه شرحًا سماه ((القول الحسن شرح بدائع السنن))، وقد طبعا في مجلدين لمكتبة دار الفرقان في القاهرة، ورجح رحمه الله أن الجامع للمسند هو أبو العباس الأصم، فراجعه، والله الموفق.
2 - قال الشارح: ((بداية التأليف في علم مصطلح الحديث: الإمام مسلم في مقدمة ((صحيحه))، وهي من أوائل ما كتب في علم مصطلح الحديث)) اهـ (ص6).
¥