ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 02 - 04, 06:11 م]ـ
التعليقات على ((شرح النخبة))
الأخطاء حسب ورودها في كتابه، والله الموفق للصواب، لا رب سواه ولا إله غيره:
1 - قال الشارح: ((وقام أحد تلاميذه - يعني الشافعي - فألف مسندًا للشافعي استخلصه من الأحاديث التي يرويها في كتبه، وأصبح الكتاب مشهورًا بمسند الشافعي، وهكذا ((كتاب السنن)))). (ص5)، وهو في
((الفتاوى)) (1/ 5).
التعليق:
في هذا الكلام أمور:
? أولاً: فيه أن جامع هذا ((المسند)) من تلاميذ الشافعي.
? ثانيًا: فيه أنه جمع الأحاديث التي يرويها الشافعي في جميع كتبه، كما هو ظاهر عبارة الشارح.
وهذان الأمران خطأ كما بينه أهل العلم، وسأنقل لك كلام إمامين من أئمة الحديث، ولهما عناية فائقة بكتب الشافعي وحديثه.
أما الأول: فهو الحافظ البيهقي، فقد قال في كتابه ((بيان خطأ من أخطأ على الشافعي)) (ص95): ((ونظرنا في كتبه - أي الشافعي - فوجدنا أبا إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني - رحمه الله وإياه - جعل منها مختصرًا، واتخذ أبو عمرو بن مطر النيسابوري أو غيره من الأحاديث التي أوردها فيما صنّفه بمصر ورواه عنه الربيع بن سليمان المرادي ((مسندًا)) مخرَّجًا من مسموعات أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم)) اهـ.
وأما الثاني: فهو الحافظ ابن حجر، فقد قال في كتابه ((تعجيل المنفعة)) (ص5): ((ثم إنَّ الشافعي لم يعمل هذا ((المسند))، وإنما التقطه بعض النيسابوريين من ((الأم)) وغيرها من مسموعات أبي العباس الأصم التي كان انفرد بروايتها عن الربيع، وبقي من حديث الشافعي شيء كثير لم يقع في هذا ((المسند))، ويكفي في الدلالة على ذلك قول إمام الأئمة أبي بكر ابن خزيمة: إنه لا يعرف عن النبي ? سُنّة لم يودعها الشافعي كتابه، وكم من سنة وردت عن النبي ? لا توجد في هذا ((المسند)). ولم يرتب الذي جمع حديث الشافعي أحاديثه المذكورة، لا على المسانيد ولا على الأبواب، وهو قصور شديد، فإنه اكتفى بالتقاطها من كتاب ((الأم)) وغيرها كيف ما اتفق، ولذلك وقع فيها تكرار في كثير من المواضع، ومن أراد الوقوف على حديث الشافعي مستوعبًا فعليه بكتاب ((معرفة السنن والآثار)) للبيهقي، فإنه تتبع ذلك أتم التتبع فلم يترك له في تصانيفه القديمة والجديدة حديثًا إلا ذكره، وأورده مرتبًا على أبواب الأحكام)) اهـ.
? تنبيه: قلت: ثم تنبه العلامة محمد عابد السِّندي فرتب ((المسند)) على الأبواب الفقهية، وقام بتحقيقه وتخريج أحاديثه أبو عمير مجدي عرفات المصري باسم ((شفاء العيّ بتخريج وتحقيق مسند الإمام الشافعي)) في مجلدين، نشر مكتبة ابن تيمية في القاهرة، وقدم له محدث الديار اليمانية شيخنا العلامة الإمام الحافظ أبو عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله وأمتع به ().
فظهر من هذا أن الجزم بأنه من تلاميذ الشافعي مما لا يحسن، فإن أبا عمرو بن مطر من شيوخ الحاكم، توفي سنة ستين وثلاثمائة (360)، وهو المقصود بقولهم: بعض النيسابوريين.
زيادة على ذلك؛ فقد قال الكتاني في ((الرسالة المستطرفة)) (ص14):
((وقيل: جمعها الأصم لنفسه، فسمي ((مسند الشافعي)))) اهـ.
والأصم توفي سنة 346، وهو من تلامذة الربيع تلميذ الشافعي، فظهر أنهم على شك واختلاف في تسمية الجامع للمسند، فكيف جزم به الشارح ولم يجزم به هؤلاء الحفاظ؟!
وها هو البيهقي في كتابه السابق (ص182) قال عقب حديثٍ: ((هكذا أخرجه أبو عمرو بن مطر أو غيره في ((المسند)))) اهـ. على الشك؛ للاختلاف في ذلك.
وقد ظهر من كلام البيهقي وابن حجر أنَّ ((المسند)) ليس جامعًا لجميع أحاديث الشافعي في كتبه، كما هي عبارة أخينا الشارح وإن لم يقصد هذا، فهو إذًا قصور شديد في التعبير أدى إلى خلل في المعلومة، وأما أنه من جميع كتبه وجميع أحاديثه فظاهر البطلان.
¥