ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[01 - 04 - 07, 11:13 م]ـ
ثانيًا: دراسة الأسانيد:
# دراسة طريق محمد بن إسحاق عن مكحول:
1 - أخرجه الشاشي عن علي بن سهل بن المغيرة عن يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن محمود بن الربيع، وهذا خطأ من علي، فقد خالفه جماعة متكاثرون فيهم الإمام أحمد رووه عن يزيد بن هارون عن ابن إسحاق عن مكحول به.
2 - جاءت جميع الروايات عن محمد بن إسحاق بالعنعنة عن مكحول، إلا ثلاث روايات:
إحداها: رواية إسماعيل بن علية، وقد اختلف على إسماعيل في ذلك:
- فرواه ابن خزيمة عن مؤمل بن هشام اليشكري به مصرحًا بالتحديث،
- ورواه البزار وإبراهيم بن أبي طالب وأبو بكر بن أبي داود به بالعنعنة،
ورواية الجماعة - وهم ثلاثة أئمة - أرجح، خاصةً أن ابن خزيمة أسند رواية ابن علية وغيرها ثم جمع الروايات عند ابن إسحاق مصرحًا بالتحديث.
ثانيها: رواية عبد الأعلى بن عبد الأعلى، وقد اختُلف عليه:
- فرواه الفضل بن يعقوب الجزري عنه مصرحًا بالتحديث،
- ورواه يحيى بن خلف وجعفر بن مهران السباك عنه بالعنعنة،
والثلاثة متقاربون في المنزلة، إلا أن اجتماع الاثنين أقوى من انفراد الواحد، فروايتهما أرجح.
ثالثها: رواية إبراهيم بن سعد، ولم يُختلف عليه في التصريح بالتحديث.
وقد كان لإبراهيم بن سعد نوع اختصاص بابن إسحاق، قال البخاري: «قال لي إبراهيم بن حمزة: كان عند إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق نحو من سبعة عشر ألف حديث في الأحكام سوى المغازي»، ولإبراهيم كتاب فيه تمييز ما سمعه ابن إسحاق مما دلسه، قال الإمام أحمد: «كان ابن إسحاق يدلس، إلا أن كتاب إبراهيم بن سعد إذا كان سماع قال: "حدثني"، وإذا لم يكن قال: "قال"» (تهذيب الكمال: 24/ 416، 421).
فالراجح أن التصريح بالسماع ثابت عن ابن إسحاق، لقوة رواية إبراهيم بن سعد عنه، وتمييزه في كتابه ما سمعه ابن إسحاق مما دلسه.
ومن ثم فلا وجه لإعلال هذه الرواية بتدليس ابن إسحاق، والله أعلم.
# دراسة متابعات محمد بن إسحاق عن مكحول:
وقد وردت متابعتان لابن إسحاق:
الأولى: أخرجها البيهقي من طريق أحمد بن عمير بن جوصا عن موسى بن سهل الرملي عن محمد بن أبي السري عن يحيى بن حسان عن يحيى بن حمزة عن العلاء بن الحارث عن مكحول به.
وهذا الإسناد فرد غريب، فيه محمد بن أبي السري، وصفه غير إمام من الأئمة بكثرة الغلط والوهم، ولعل هذا السند من أخطائه.
والعلاء من كبار أصحاب مكحول، وهو مقدم فيه، ولو صح أنه رواه لتسابق الرواة إلى روايته عنه، ولم يأت بسندٍ فردٍ كهذا. ثم إن لفظه فيه غرابة: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب إمام وغير إمام»، وسائر روايات الحديث عن مكحول بذكر القصة في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصحابة وتثاقل القراءة عليه.
فلعل ابن أبي السري وهم في الإسناد، أو دخل عليه حديث في حديث.
الثانية: أخرجها الطبراني عن عبدوس بن ديرويه الرازي عن الوليد بن عتبة عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول به.
وهذا وجه عن الوليد بن عتبة، فقد اختُلف عليه - كما تبين من التخريج -:
- فرواه عبدوس عنه بهذا الإسناد،
- ورواه أبو زرعة الدمشقي ومحمد بن هارون بن بكار عنه عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز وغير واحد عن مكحول عن محمود بن الربيع عن أبي نعيم عن عبادة به،
وعبدوس له ترجمة في تاريخ دمشق (37/ 373) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وأبو زرعة إمام حافظ معروف، فروايته والذي معه أرجح.
فظهر أن متابعة سعيد بن عبد العزيز لابن إسحاق خطأ أيضًا.
ويدل على خطأ المتابعتين أن الإمام أحمد قد حكم بتفرد ابن إسحاق في هذا الحديث، قال - فيما نقله ابن الجوزي -: «لم يرفعه إلا ابن إسحاق» (التحقيق في أحاديث الخلاف: 1/ 369)، ونقله ابن قدامة، قال: «لم يروه غير ابن إسحاق، كذلك قاله الإمام أحمد» (المغني: 2/ 263، 264)، ويظهر أن المقصود أنه قد تفرد برفعه عن مكحول بهذا الإسناد ابنُ إسحاق، ومنه فما جاء من متابعات لابن إسحاق فهو خطأ.
# دراسة متابعات مكحول عن محمود بن الربيع:
جاءت متابعته من طريق عبد الله بن عمرو بن الحارث، وهو مجهول - كما في التقريب (3497) -، وجاءت روايته من طرق:
1 - أخرج إحداها ابن الأعرابي من طريق يزيد بن عياض، ويزيد هذا متروك الحديث، مُكذَّب (انظر: تهذيب التهذيب: 11/ 308).
¥