قال: كانت السماء إذا حسبت عنهم أبرزوا السرير فيمطرون فقلت من كنتم تظنون الرجل …؟ قال: دانيال قلت منذكم وجدتموه مات؟
قال منذ /300/سنة (1) قلت: ما كان قد تغير منه شيء …؟ قال: إلا شعيرات من قفاه إن لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض ولا تأكلها السباع).
فانظر ما في هذه القصة من صنع أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وتعمية قبر هذا الرجل لئلا يفتتن به الناس كذا في (تبعيد الشيطان بتقريب إغاثة اللهفان) انتهى رد الشيخ بشير السهسواني.
بطلان حديث أوس في التوسل بالنبي –صلى الله عليه وسلم-
السؤال رقم (5599): قرأت هذا الحديث في مقدمة سنن الدرامي، وقد ذكر لي أن الدرامي من علماء الحديث، أفلا يدل على جواز التوسل بالنبي –صلى الله عليه وسلم- خاصة وأن الذي أمرهم بذلك السيدة عائشة؟
عن أبي الجوزاء أوس بن عبدالله قال: "قحط أهل المدينة قحطاً شديداً، فشكوا إلى عائشة فقالت: "انظروا قبر النبي –صلى الله عليه وسلم- فاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف، قال: ففعلوا فمطرنا مطراً حتى نبت العشب، وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق.
أجاب عن السؤال الشيخ/ د. فهد بن عبدالرحمن اليحيى (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام)
الجواب:
لا شك أن الدرامي –رحمه الله- من علماء الحديث ومن أصحاب الكتب المصنفة فيه، ولكن لا تلازم بين عدالة وإمامة الجامع للأحاديث في مصنف، وبين صحة كل ما ورد فيه؛ لأنه يذكر الأحاديث بأسانيدها، ويستطيع الباحث عن صحتها بعد ذلك أن يعرف هل هي صحيحة أو لا من خلال البحث؟
فهذا الحديث أخرجه الدرامي في سننه رقم (92) باللفظ المذكور في السؤال، ولكن هذا الحديث فيه علل من حيث الإسناد ومن حيث المتن، فأما من حيث الإسناد:
1 - فيه سعيد بن زيد، نقل العقيلي في الضعفاء عن يحيى بن معين أنه ضعيف، وأنه ليس بشيء، وضعفه يحيى بن سعيد.
فإذا انفرد في مثل هذا الحديث فهذه علة قوية.
2 - فيه أبو النعمان: محمد بن الفضل الملقب بعارم، قال فيه الحافظ في التقريب: ثقة ثبت تغير في آخر عمره، وقد نص على اختلاطه البخاري وأبو حاتم والعقيلي والنسائي والدارقطني.
3 - فيه عمرو بن مالك النكري قال فيه ابن حبان: يخطيء ويغرب، وقال في الكامل في الضعفاء: منكر الحديث عن الثقات ويسرق الحديث، وقال ابن حجر في التقريب: صدوق له أوهام، وإن كان قد نقل في التهذيب من الطعن فيه ما يظهر للناظر أنه أدنى مرتبة من قوله صدوق له أوهام، والله أعلم.
وأما من حيث المتن:
1 - ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على البكري: وما روي عن عائشة –رضي الله عنها- من فتح الكوة من قبره إلى السماء لينزل المطر فليس بصحيح، ولا يثبت إسناده، ومما يبين كذب هذا أنه في مدة حياة عائشة لم يكن للبيت كوة، بل كان باقياً كما كان على عهد النبي –صلى الله عليه وسلم-، بعضه مسقوف وبعضه مكشوف، وكانت الشمس تنزل فيه كما ثبت في الصحيحين عن عائشة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يصلي العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء بعد، ولم تزل الحجرة كذلك في مسجد الرسول –صلى الله عليه وسلم- ومن حينئذ دخلت الحجرة النبوية في المسجد، ثم إنه بني حول حجرة عائشة التي فيها قبر جدار عال، وبعد ذلك جعلت الكوة لينزل منها من ينزل إذا احتيج إلى ذلك لأجل كنس أو تنظيف، وأما وجود الكوة في حياة عائشة فكذب بين، ولو صح ذلك لكان حجة ودليلاً على أن القوم لم يكونوا يقسمون على الله، وإنما فتحوا على القبر لتتنزل الرحمة عليه، ولم يكن بدعائه أو بعلمه فإن الله –تعالى- يحب أن نتوسل إليه بالإيمان والعمل والصلاة والسلام على نبيه –صلى الله عليه وسلم- ومحبته وطاعته وموالاته، فهذه هي الأمور التي يحب الله أن نتوسل بها إليه.
2 - أن هذا الأثر فيه غرابة؛ لأن فتح السقف على القبر كيف يكون له أثر في نزول المطر؟! فهل المقصود أن يكون القبر حينئذ أقرب إلى الله؟ فكيف يقال هذا والنبي –صلى الله عليه وسلم- كان يقول عند وفاته: "في الرفيق الأعلى في الرفيق الأعلى"، كما في الصحيحين؟ فمنزلته –عليه الصلاة والسلام- أعلى من أن يتصور أن يحول بينه وبين قربه من ربه سقف الحجرة فضلاً عن غيره.
¥