إن الناس في حينه كانوا يملكون الإبل والغنم والبقر والخيل فلماذا تفتقت الإبل ولم تتفتق أيضاً الغنم والبقر والخيل؟ ولعله اكتفى بذكر الجزء ليعبر عن الكل وهذا جائز فمعنى ذلك أن الإبل والغنم والبقر والخيل قد تفتقت من الشحم أيضاً فإذا صح هذا فإن هذا الفتق العام يكون مأساة وكارثة لأن هذا الفتق يؤدي إلى الموت فيكون هذا الغيث غيث عذاب لا غيث رحمة فمتى كان ذلك .. ؟
وإنني لواثق تمام الوثوق أن كل ما جاء في هذا الحديث لا أساس له من الصحة وأنه لموضوع المتن ومصنوع صناعة غر لم يستطع أن يصيغه بصيغة مقبولة فمتنه يشير غليه قبل سنده بأنه واه ساقط المعنى ولما ركب صانعه له السند ما كان في سنده أحكم من صناعة متنه فركب له سنداً من أوهي الأسناد وهو يظن أنه أحكم الصنعة وسد المنافذ!!؟ بهذا الحديث وأمثاله يوفق هو وغيره إلى تحويل عقائد المسلمين وإلى ضلالات ولكن خيب الله فألهم وأطاش سهامهم فأوجد في المسلمين رجالاً ينخلون الأحاديث نخلاً وهذا من فضله على هذه الأمة المحمدية بحفظه دينه الذي ارتضى لعباده.
أما هذا الحديث فقد كشف متنه كما تقدم … أما سنده فإليك ما قال علماء علم الحديث فيه:
ذكر هذا الحديث الشيخ دحلان في كتابه: ((الدرر السنية في الرد على الوهابية)) مستشهداً به على صحة التوسل بذوات المخلوقين وخاصة بذات النبي الكريم صلوات وسلامه عليه. ويعزي الدحلان في كتابه ما ذكره في كتابه المشار إليه إلى ما نقله عن السمهودي فقال:
((ذكر العلامة السمهودي في خلاصة الوفا: ((إن من الأدلة على صحة التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ما رواه الدارمي في صحيحه عن أبي الجوزاء ثم ذكر الحديث)).
وقد رد عليه الشيخ بشير السهسواني الهندي رحمه الله تعالى وأجزل مثوبته في كتابه المسمى صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان)) بما يلي:
1 – إطلاق الصحيح على مسند الدرامي ليس صحيحاً قال المغلطاني: (أن جماعة أطلقوا على مسند الدارمي بكونه صحيحاً فتعقبهم ابن حجر بقوله:
((إني لم أر ذلك في كلام أحد ممن يعتمد عليه كيف ولو أطلق ذلك من لا يعتد به لكان الواقع بخلافه)))
2 – قال العراقي: المرسل والمعضل والمنقطع والمقطوع فيه كثير.
3 – أن في سنده محمد بن الفضل السدوسي أبو النعمان البصري قال الحافظ في التقريب: لقبه ((عارم)) ثقة ثبت تغير في آخر عمره وقال في الخلاصة: اختلط ((عارم)) وقال أبو حاتم: من سمع منه قبل سنة /220/ فسماعه جيد. وقال البخاري: تغير عارم آخر عمره. وقال أبو داود: أن ((عارماً)) أنكر سنة /213/ ثم استحكم به الاختلاط سنة /216/ ولم يسمع منه أبو داود لتغيره.
4 – إن في سنده: سعيد بن زيد. قال الذهبي: ليس بالقوي وقال الحافظ في التقريب: صدوق له أوهام. وقال في الخلاصة، قال ابن معين وقال أحمد: ليس به بأس وقال النسائي ليس بالقوي. قال الذهبي في الميزان: ضعيف. وقال السعدي: ليس بحجة يضعفون حديثه. قال أحمد ليس به بأس. وكان يحيى بن سعيد لا يستريبه.
5 – أن في سنده: عمر بن مالك المنكري قال الحافظ في التقريب صدوق له أوهام.
6 – أن في سنده أبا الجوزاء أوس بن عبد الله. قال في التقريب أوس ابن عبد الله الربعي البصري وثقوه وقال يحيى بن سعيد: قتل في الجماجم في إسناده نظر ويختلفون فيه وقال أيضاً في الكنى: أبو الجوزاء الربعي أوس تابعي مشهور قال البخاري: في إسناده نظر فقد ثبت أن الحديث ضعيف منقطع.
7 – أن الحديث موقوف فلا يصح حجة عند المحققين.
8 – يعارضه حديث عمر رضى الله عنه. (ذكر محمد بن إسحاق في مغازيه عن خالد بن دنيا عن أبي العالية قال:
لما فتحنا ((تستر)) وجدنا في بيت مال الهرمزان سريراً عليه رجل ميت عند رأسه مصحف له فحملنا المصحف إلى عمر رضى الله عنه فدعا كعباً فنسخه بالعربية فأنا أول رجل قرأته مثل ما أقرأ القرآن فقلت لأبي العالية ما كان فيه؟ قال: سيرتكم وأموركم ولحون كلامكم وما هو كائن بعد … قلت: فما صنعتم بالرجل؟ قال: حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبراً متفرقة فلما كان بالليل دفناه وسوينا القبور كلها لنعميه عن الناس فلا ينبشونه قلت وما يرجون منه!
¥