وأجاب الزيلعي عن هذين الاعتراضين،وقال: " والجواب؛ أما الأول: فقال الشيخ في (الإمام): وعدم ثبوت الخبر عند ابن المبارك لا يمنع من النظر فيه، وهو يدور على عاصم بن كليب وقد وثقه ابن معين، كما قدمناه، قال: وقول شيخنا أبي محمد المنذري:
" وقال غيره: لم يسمع عبدالرحمن من علقمة " فغير قادح أيضاً، فإنه عن رجل مجهول،وقد تتبعت هذا القائل فلم أجده،ولا ذكره ابن أبي حاتم في مراسيله،وإنما ذكره في كتاب الجرح والتعديل، فقال: " وعبد الرحمن ابن الأسود دخل على عائشة، وهو صغير، ولم يسمع منها، وروى عن أبيه وعلقمة "،ولم يقل: إنه مرسل. وذكره ابن حبان في كتاب الثقات،وقال: "إنه مات سنة تسع وتسعين وكانت سنه سن إبراهيم النخعي ". فإذا كانت سنه سن النخعي فما المانع من سماعه عن علقمة، مع الاتفاق على سماع النخعي منه، ومع هذا كله فقد صرح الحافظ أبوبكر الخطيب في كتاب (المتفق والمفترق) في ترجمة عبد الرحمن هذا: " أنه سمع أباه وعلقمة ".
" وقال ابن القطان في كتابه (الوهم والإيهام): ذكر الترمذي عن ابن المبارك أنه قال: " حديث وكيع لا يصح " والذي عندي أنه صحيح، وإنما المنكر فيه على وكيع زيادة " ثم لا يعود"، وقالوا: إنه كان يقولها من قبل نفسه،وتارة لم يقلها،وتارة اتبعها الحديث، كأنها من كلام ابن مسعود، وكذلك قال الدراقطني: إنه حديث صحيح إلا هذه اللفظة، وكذلك قال أحمد بن حنبل وغيره،وقد اعتنى الإمام محمد بن نصر المروزي بتضعيف هذه اللفظة في كتاب رفع اليدين. انتهى كلامه ".
ثم عقبه الزيلعي بقوله:
" قلت: قد تابع وكيعاً على هذه اللفظة عبد الله بن المبارك كما رواه النسائي، وقد قدمناه، وأيضاً فغير ابن القطان ينسب الوهم فيها لسفيان الثوري لا لوكيع، قال البخاري في كتابه (رفع اليدين): " ويروى عن سفيان الثوري عن عاصم بن كليب، فذكره بسنده ومتنه، قال أحمد بن حنبل عن يحيى بن أدم: نظرت في كتاب عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب فلم أجد فيه " ثم لم يعد ". قال البخاري: " وهذا أصح لأن الكتاب أثبت عند أهل العلم، فجعل الوهم فيه من سفيان لأن ابن إدريس خالفه،وقال ابن أبي حاتم في كتاب العلل: " سألت أبي عن حديث رواه سفيان الثوري عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فكبّر فرفع يديه ثم لم يعد"، قال أبي: هذا خطأ، يقال: وهم فيه الثوري، فقد رواه جماعة عن عاصم،وقالوا كلهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم افتتح فرفع يديه ثم ركع فطبق وجعلهما بين ركبتيه ولم يقل أحد ما روى الثوري ".
" فالبخاري وأبو حاتم جعلا الوهم فيه من سفيان، وابن القطان وغيره يجعلون الوهم فيه من وكيع، وهذا اختلاف يؤدي إلى طرح القولين،والرجوع إلى صحة الحديث لوروده عن الثقات". ا هـ.
هكذا أجاب الزيلعي عن الاعتراض الأول، وأما جوابه عن الاعتراض الثاني – وهو تضعيف عاصم – فهذا نصه:
" وأما الثاني وهو تضعيف عاصم فقد قدمنا أنه من رجال الصحيح وأن ابن معين قال فيه: ثقة، كما ذكره الشيخ في الإمام، قال الشيخ: وقول الحاكم: إن حديثه لم يخرج في الصحيح، فغير صحيح، فقد أخرج له مسلم حديثه عن أبي بردة عن علي في الهدي وحديثه عنه عن علي نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجعل خاتمي في هذه والتي يليها، وغير ذلك، وأيضاً فليس من شرط الصحيح التخريج عن كل عدل، وقد أخرج هو في المستدرك عن جماعة لم يخرج لهم في الصحيح، وقال: هو على شرط الشيخين، وإن أراد بقوله (لم يخرج حديثه في الصحيح) أي هذا الحديث، فليس ذلك بعلة، وإلا لفسد عليه مقصوده كله في كتابه المستدرك " (1).
انتهى كلام الزيلعي.
وقال المعلق على كتاب نصب الراية ":
¥