" قال أبي حديث عاصم بن كليب رواه ابن إدريس فلم يقل " ثم لا يعود ". حدثني أبي قال حدثنا يحيى بن آدم قال: أملاه عليَّ عبد الله بن إدريس من كتابه عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود قال: حدثنا علقمة عن عبد الله قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة فكبّر ورفع يديه ثم ركع وطبق يديه وجعلهما بين ركبتيه، فبلغ سعداً، فقال: صدق أخي، قد كنا نفعل ذلك ثم أمرنا بهذا وأخذ بركبتيه، حدثني عاصم بن كليب هكذا، قال أبي: هذا لفظ غير لفظ وكيع،وكيع يثبج (1) الحديث لأنه كان يحمل نفسه في حفظ الحديث (2).
4 - قال الإمام البخاري (3): قال أحمد بن حنبل عن يحيى بن آدم قال: نظرت في كتاب ابن إدريس عن عاصم بن كليب، ليس فيه "ثم لم يعد"، فهذا أصح، لأن الكتاب أحفظ عند أهل العلم، وقال البخاري بعد ذكر حديث ابن إدريس: " وهذا (يعني حديث ابن ادريس) المحفوظ عند أهل النظر من حديث عبد الله بن مسعود ".
5 - قال أبو حاتم (4): " هذا (يعني حديث سفيان عن عاصم) خطأ يقال: وهم فيه الثوري، فقد رواه جماعة عن عاصم،وقال كلهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم افتتح فرفع يديه ثم ركع، فطبق، وجعلها بين ركبتيه، ولم يقل أحد ما روى الثوري ".
6 - سئل الإمام الدارقطني عن حديث علقمة عن عبد الله قال: " ألا أريكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع يديه في أول تكبيرة، ثم لم يعد. فقال: يرويه عاصم عن عبدالرحمن بن الأسود عن علقمة حدث به الثوري عنه: ورواه أبوبكر النهشلي عن عاصم عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وعن علقمة عن عبد الله،وإسناده صحيح، وفيه لفظة ليست بمحفوظة ذكرها أبوحذيفه في حديثه عن الثوري وهي قوله: " ثم لم يعد ". وكذلك قال الحماني عن وكيع، وأما أحمد بن حنبل وأبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير فرووه عن وكيع، ولم يقولوا فيه: " ثم لم يعد"، وكذلك رواه معاوية بن هشام أيضاً عن الثوري مثل ما قال الجماعة عن وكيع، وليس قول من قال "ثم لم يعد" محفوظاً (1).
7 - قال ابن عبد البر نقلاً عن أبي بكر البزار: " وهو حديث لا يثبت ولا يحتج به " (2). ولكن قول البزار في مسنده لم يكن بخصوص حديث سفيان، بل في عموم حديث عاصم، وهذا نصه: وهذا الحديث رواه عاصم بن كليب وعاصم في حديثه اضطراب،ولا سيما في حديث الرفع، ذكره عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن عبد الله أنه رفع يديه في أول تكبيرة ورواه عن أبيه عن وائل بن حجر أنه رفع يديه حين افتتح الصلاة وحين رفع رأسه من الركوع وروى عن محارب بن دثار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أيضاً وروى عن أبيه عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه يرفع في أول مرة (3).
8 - قال ابن حبان: " هذا أحسن خبر روى أهل الكوفة في نفي رفع اليدين في الصلاة عند الركوع وعند الرفع منه،وهو في الحقيقة أضعف شيء يعول عليه؛ لأن له عللاً تبطله " (1) اهـ. فهذه نصوص الأئمة النقاد الأوائل حول حديث سفيان الذي ينفي رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام، وهي كلها متفقة على أنه خطأ ووهم، كما أن معظمها تتفق على أن مصدر هذا الخطـ هو سفيان الثوري، وسيأتي شيء من التفصيل حول هذه النقطة. إن شاء الله تعالى.
نصوص من يعارض ذلك من المتأخرين
قال الزيلعي (2):
" واعترض على هذا الحديث (يعني حديث سفيان السابق ذكره) بأمور:
منها: ما رواه الترمذي بسنده عن ابن المبارك قال: لم يثبت عندي حديث ابن مسعود أنه عليه السلام لم يرفع يديه إلا في أول مرة، وثبت حديث ابن عمر أنه رفع عند الركوع وعند الرفع من الركوع وعند القيام من الركعتين. ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما، وذكره المنذري في مختصر السنن، ثم قال: وقال غير ابن المبارك: لم يسمع عبد الرحمن من علقمة. انتهى ".
" ومنها: تضعيف عاصم بن كليب، نقل البيهقي في سننه عن أبي عبد الله الحاكم أنه قال: عاصم بن كليب لم يخرج حديثه في الصحيح، وكان يختصر الأخبار فيؤديها بالمعنى، وهذه اللفظة: (ثم لا يعود) غير محفوظة في الخبر. انتهى ".
¥