المجروحين 538: كان عبد الله بن لهيعة شيخا صالحا لكنه كان يدلس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه ثم احترقت كتبه في سنة سبعين ومائة وكان أصحابنا يقولون إن سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة فسماعهم صحيح ومن سمع منه بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشيء. قال أبو حاتم بن حبان أخبرنا محمد بن المنذر قال حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال حدثنا نعيم بن حماد قال سمعت يحيى بن حسان يقول جاء قوم ومعهم جزء فقالوا سمعناه من ابن لهعية فنظرت فيه فإذا ليس فيه حديث واحد من حديث ابن لهيعة قال فقمت فجلست إلى ابن لهيعة فقلت أي شيء ذا الكتاب الذي حدثت به، ليس ها هنا في هذا الكتاب حديث من حديثك ولا سمعتها أنت قط قال: فما اصنع بهم يجيئون بكتاب فيقولون هذا من حديثك فأحدثهم به. قال أبو حاتم بن حبان لقد سيرت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجودا وما لا أصل له من رواية المتقدمين كثيرا فرجعت إلى الاعتبار فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفى على أقوام ثقات قد رآهم قال ابن حبان: وأما رواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه ففيها مناكير كثيرة وذلك أنه كان لا يبالي ما دُفع إليه قرأه سواء كان من حديثه أو لا، فوجب التنكب عن رواية المتقدمين عنه قبل احتراق كتبه لما فيها من الأخبار المدلسة عن الضعفاء والمتروكين، ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه لما فيها مما ليس من حديثه. قال أبو حاتم وهو الذي روى عن أبي الأسود عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أعتق شقصا من مملوك له فيه شرك .... وروى عن عبيد الله بن أبي جعفر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه حتى يراجعها. قال أبو حاتم أخبرنا بالحديثين جميعا الحسن بن سفيان قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا ابن وهب عن ابن لهيعة. في الأول قال أخبرني ابن لهيعة وفي الثاني قال حدثنا ابن لهيعة. قال أبو حاتم ذكر الاستسعاء في الحديث الأول من حديث ابن عمر ليس بمحفوظ، روى هذا الخبر أصحاب نافع مثل عبيد الله ابن عمر ومالك وأيوب والناس فلم يذكروا فيه هذه اللفظة.قال والحديث الآخر ليس له أصل يُرجع إليه. قلت: أما الأول فهو كما قال وأما الثاني ففيه نظر فقد رواه الترمذي 2863 من طريق محمد بن إسماعيل عن موسى بن إسماعيل عن أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبي سلام عن الحارث الأشعري رضي الله تعالى عنه مرفوعا ورواه عن محمد بن بشار عن أبي داود الطيالسي عن أبان بن يزيد مثل إسناده بمعناه قال أبو عيسى في الحديثين حسن صحيح غريب قال وقد رواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير.
قلت: فتبين أن للحديث أصل يُرجع إليه، إلا أن يقصد ابن حبان رحمه الله تعالى أن هذا الحديث لا يعرف بهذا الإسناد فيكون كما قال والله تعالى أعلم. ورواه أحمد في المسند 17104والله تعالى أعلم.
قلت: وقد ساق ابن عدي 5/ 246 عدة أحاديث لابن لهيعة عن أبي الأسود وقال هذه الأحاديث عن ابن لهيعة عن أبي الأسود غير محفوظة. وقال ابن عدي 5/ 239 سمعت ابن حماد يقول: قال السعدي ابن لهيعة لا يوقف على حديثه ولا ينبغي أن يحتج بروايته أو يعتد بها. وفي موضع آخر قال حدثنا أبو عروبة قال حدثنا ابن مصفى قال حدثنا مروان قلت لليث ابن سعد ورأيته نام بعد العصر في شهر رمضان: يا أبا الحارث مالك تنام بعد العصر وقد حدثنا ابن لهيعة عن عُقيل عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني من نام بعد العصر فاختُلس عقله فلا يلومَنَّ إلا نفسه قال الليث: لا أدع ما ينفعني بحديث ابن لهيعة عن عُقيل. وقال أيضا 5/ 248 أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا كامل بن طلحة قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما رجل نكح امرأة فدخل بها فلا يحل له نكاح ابنتها وإن لم يدخل بها فلينكح ابنتها و أيما رجل نكح امرأة فدخل بها أو لم يدخل بها فلا يحل له نكاح أمها قال أبو أحمد رحمه الله تعالى وبهذا الإسناد أخبرناه ابن المثنى بأرجح من ثلاثين حديثا لم أذكرها لئلا يطول وعامتها مما لا يتابع
¥