ـ[أبو نايف]ــــــــ[11 - 11 - 02, 05:00 م]ـ

قال الشيخ العلامة محمد العثيمين رحمه الله تعالي:

فان قيل: قد ثبت في الصحيحين ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: (تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن) وهذا دليل علي عدم وجوب الزكاة في الحلي اذ لو كانت واجبة في الحلي لما جعله النبي صلي الله عليه وسلم مضربا لصدقة التطوع.

فالجواب علي هذا:

أن الأمر بالصدقة من الحلي ليس فيه إثبات وجوب الزكاة فيه ولا نفيه عنه وإنما فيه الأمر بالصدقة حتي من حاجيات الانسان ونظير هذا ان يقال تصدق ولو من دراهم نفقتك ونفقة عيالك فان هذا لا يدل علي انتفاء وجوب الزكاة في هذه الدراهم.

فان قيل: ان في لفظ الحديث وفي الرقة في مائتي درهم ربع العشر وفي حديث علي وليس عليك شيء حتي يكون ذلك عشرون ديناراً والرقة هي الفضة المضروبة سكة وكذلك الدينار هو السكة وهذا دليل علي اختصاص وجوب الزكاة بما كان كذلك والحلي ليس منه

فالجواب من وجهين:

أحدهما: ان الذين لا يوجبون زكاة الحلي ويستدلون بمثل هذا اللفظ لا يخصون وجوب الزكاة بالمضروب من الذهب والفضة بل يوجبونها في التبر ونحوه وان لم يكن مضروبا وهذا تناقض منهم وتحكم حيث أدخلوا فيه ما لا يشمله اللفظ علي زعمهم وأخرجوا ما لا يشمله وهو نظير ما أدخلوا من حيث دلالة اللفظ عليه لو عدمها.

الثاني: اننا اذا سلمنا اختصاص الرقة والدينار بالمضروب من الفضة والذهب فان الحديث يدل علي ذكر بعض افراد وانواع العام بحكم لا يخالف حكم العام وهذا لا يدل علي التخصيص كما اذا قلت: أكرم العلماء ثم قلت: أكرم زيدا وكان من جهلة العلماء فانه لا يدل علي اختصاصه بالكرام فالنصوص جاء بعضها عاما في وجوب زكاة الذهب والفضة وبعضها جاء بلفظ الرقة والدينار وهو بعض افراد العام فلا يدل ذلك علي التخصيص.

فان قيل: ما الفرق بين الحلي المباح وبين الثياب المباحة اذا قلنا بوجوب الزكاة في الاول دون الثاني!

فالجواب:

ان الشارع فرق بينهما حيث اوجبها في الذهب والفضة من غير استثناء بل وردت نصوص خاصة في وجوبها في الحلي المباح المستعمل كما سبق واما الثياب فهي بمنزلة الفرس وعبد الخدمة الذين قال فيهما رسول الله صلي الله عليه وسلم: (ليس علي المسلم في عبده ولا فرسه صدقة).

فإذا كانت الثياب للبس فلا زكاة فيها وإن كانت للتجارة ففيها زكاة التجارة.

فإن قيل:

هل يصح قياس الحلي المباح المعد للاستعمال علي الثياب المباحة المعدة للاستعمال كما قاله من لا يوجبون الزكاة في الحلي

فالجواب:

لا يصح القياس لوجوه:

الأول: أنه قياس في مقابلة النص وكل قياس في مقابلة النص فهو قياس فاسد وذلك لأنه يقتضي إبطال العمل بالنص ولأن النص إذا فرق بين شيئين في الحكم فهو دليل علي أن بينهما من الفوارق ما يمنع إلحاق أحدهما بالاخر ويوجب إفتراقهماسواء علمنا تلك الفوارق أم جهلناها ومن ظن إفتراق ما جمع الشارع بينهما أو إجتماع ما فرق الشارع بينهما فظنه خطأ بلا شك فان الشرع نزل من لدن حكيم خبير.

الثاني: أن الثياب لم تجب الزكاة فيها أصلاً فلم تكن الزكاة فيها واجبه أُو ساقطة بحسب القصد وإنما الحكم فيها واحد وهو عدم وجوب الزكاة مقتضي القياس أن يكون حكم الحلي واحداً وهو وجوب الزكاة سواء أعده للبس أو لغيره كما أن الثياب حكمها واحداً لا زكاة فيها سواء أعدها للبس أو لغيره ولا يرد علي ذلك وجوب الزكاة فيها إذا كانت عروضاً لأن الزكاة حينئذ في قيمتها.

الثالث: ان يقال ما هو القياس الذي يراد ان يجمع به بين الحلي المعد للاستعمال والثياب المعدة له أهو قياس التسوية ام قياس العكس فان قيل هو قياس التسوية قيل هذا انما يصح لو كانت الثياب تجب فيها الزكاة قبل إعدادها للبس والاستعمال ثم سقطت الزكاة بعد إعدادها ليتساوي الفرع والأصل في الحكم وان قيل هو قياس العكس قيل هذا انما يصح او كانت الثياب لا تجب فيها الزكاة اذا لم تعد للبس وتجب فيها اذا أعدت للبس فان هذا هو عكس الحكم في الحلي.

الرابع: ان الثياب والحلي افترقت عند مسقطي الزكاة في الحلي في كثير من المسائل فمن الفروق بينهما:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015