قلت: وقد علَّق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله على المراتب التي ذكرها المؤلف فقال: فما كان من الثانية والثالثة، فحديثه صحيح من الدرجة الأولى، وغالبه في الصحيحين، وما كان من الدرجة الرابعة فحديثه صحيح من الدرجة الثانية، وهو الذي يحسِّنه الترمذي ويسكت عليه أبو داود، وما بعدها فمن المردود إلا إذا تعدَّدت طرقه، فما كان من الدرجة الخامسة والسادسة فيتقوَّى بذلك ويصير حسنًا لغيره. وما كان من السابعة إلى آخرها فضعيف على اختلاف درجات الضعف؛ من المنكر إلى الموضوع. "الباعث الحثيث" (ص 101)

الرموز التي استخدمها المؤلف:

قال المؤلف - مبيِّنًا رموزه واصطلاحاته في الكتاب -: وقد اكتفيتُ بالرقم على أول اسم كل راو، إشارةً إلى من أخرج حديثه من الأئمة؛ فالبخاري في صحيحه (خ)، فإن كان حديثه عنده معلقًا (خت)، وللبخاري في الأدب المفرد (بخ)، وفي خلق أفعال العباد (عخ)، وفي جزء القراءة (ر)، وفي رفع اليدين (ي)، ولمسلم (م)، ولأبي داود (د)، وفي المراسيل له (مد)، وفي فضائل الأنصار (صد)، وفي الناسخ (خد)، وفي القدر (قد)، وفي التفرُّد (ف)، وفي المسائل (ل)، وفي مسند مالك (كد)، وللترمذي (ت)، وفي الشمائل له (تم)، وللنسائي (س)، وفي مسند علي له (عس)، وفي مسند مالك (كن)، ولابن ماجه (ق)، وفي التفسير له (فق).

فإن كان حديث الرجل في أحد الأصول الستة، أكتفي برقمه، ولو أخرج له في غيرها. وإذا اجتمعت فالرقم (ع)، وأما علامة (4) فهي لهم سوى الشيخين.

ومن ليست له عندهم رواية مرقوم عليه: (تمييز)، إشارة إلى أنه ذكر ليتميَّز عن غيره. ومن ليست عليه علامة نُبِّه عليه، وتُرجِمَ قبلُ أو بعدُ.

منهج المؤلف في هذا الكتاب:

يمكن الكلام عن منهج المؤلف من خلال النقاط التالية:

1. قدَّم المؤلف لكتابه بمقدمة بيَّن فيها سبب تأليفه للكتاب كما سبق، وطريقة اختصاره لكتابه "تهذيب التهذيب"، وذكر فيها شيئًا من منهجه.

2. قسَّم المؤلف الرواة إلى طبقات، وحصر الكلام على الرواة في مراتب كما سبق بيانه.

3. ذكر المؤلف طريقته في عرض ترجمة كل راو، فقال - رحمه الله -: .. وهي أني أحكم على كلِّ شخصٍ منهم بحكم يشمل أصحّ ما قيل فيه، وَأَعْدَلَ ما وصف به بألخص عبارة وأخلص إشارة بحيث لا تزيد كل ترجمته على سطرٍ واحدٍ غالبًا، يجمع اسم الرجل واسم أبيه وجده، ومنتهى أشهر نسبته ونسبه، وكنيته ولقبه، مع ضبط ما يُشْكل من ذلك بالحروف ثم صفته التي يَخْتص بها من جرح أو تعديل، ثم التعريف بعصر كل راوٍ منهم بحيث يكون قائمًا مقام ما حذفته من ذكر شيوخه والرواة عنه، إلا من لا يؤمن لبسُه.

4. كما سبق في كلام المؤلف فإنه اعتنى بضبط ما يُشكل من أسماء الرواة وأنسابهم وكناهم بالحروف، مثال ذلك: عبدالله بن عاصم الحِمَّاني - بكسر المهملة وتشديد الميم -، أبو سعيد البصري، صدوق من العاشرة ق. وفي هذا فائدة جليلة كما ستأتي الإشارة إليه.

5. ذكر جميع التراجم التي في "تهذيب التهذيب" ولم يقتصر على تراجم رواة الكتب الستة كما فعل الذهبي في "الكاشف"، كما رَتَّبَ التراجم على الترتيبِ نفسه الذي مشى عليه في "التهذيب".

6. استعمل الرموز التي ذكرها في "تهذيب التهذيب" نفسها، إلا أنه زاد رمزًا وهو كلمة "تمييز"، وهي إشارةٌ إلى من ليست له رواية في المصنفات التي هي موضوع الكتاب.

7. زاد على "التهذيب" فصلاً في آخر الكتاب يتعلق بِبَيَان المبهمات من النسوة على ترتيب من روى عنهن رجالاً ونساءً.

أهمية الكتاب ومزاياه:

لهذا الكتاب منزلة كبيرة عند المشتغلين بصناعة الحديث، ولقد استحوذت عليهم أحكامه بحيث صاروا يعتدون بالنتائج التي انتهى إليها في حق الرواة، وصار عامة المشتغلين بهذا الفن يكتفون بهذه الأحكام، بل كان ولا يزال كثير من طلبة الدراسات العليا في هذا الفن يعتبرونه مرجعهم الأول ومصدرهم الأساس في معرفة منزلة الرواة وأحكامهم من حيث الجرح والتعديل، ولقد تميَّز هذا الكتاب بمزايا كثيرة من أهمها:

1. مكانة مؤلفه العلمية المرموقة والتي لا تخفى على أحدٍ من أهل العلم وطلبته، وقيمة أي كتاب تزداد بعلو مكانة مؤلفه، كيف لا ومؤلفه حافظ عصره كما لا يخفى.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015