وأذكر هنا مثالاً واحداً لتلك الأخطاء على وجه السرعة، قال الإمام الترمذي: حدثنا قتيبة حدثنا أبن لهيعة عن يزيد بن عمرو عن أبي عبد الرحمن الحنبلي عن المستورد بن شداد الفهري قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ دلك أصابع رجليه بخنصره.
ثم قال الترمذي: " هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة ".
(كتاب الطهارة، باب تخليل الأصابع 1/ 57 –58).
وقال الشيخ أحمد شاكر: " الحديث رواه أحمد (4/ 229) بثلاثة أسانيد، وأبو داود (1/ 57)، وابن ماجه (1/ 87) كلهم من طريق ابن لهيعة، وقد صرح الترمذي بانفراده به، ولكنه ليس كذلك، فقد قال الحافظ في التلخيص (ص: 34) " تابعه الليث بن سعد وعمرو بن الحارث، أخرجه البيهقي وأبو بشر الدولابي والدارقطني في غرائب مالك من طريق ابن وهب عن الثلاثة (يعني الليث وعمرو بن مالك) وصححه ابن القطان ".
ومن عنده ممارسة نقدية يعرف بسهولة أن هذه الروايات متأخرة، لم تكن معروفة لدى السابقين،ولو كان هذا الحديث عند هؤلاء الأئمة لكان أسرع انتشاراً، وأفضل إسناداً، وأولى رواية من حديث ابن لهيعة لكونه ضعيفاً،و الإمام الترمذي ليس مسئولاً إلا بنقد ما هو متدوال فيما بين معاصريه من الإنفراد المثير للشكوك، وأما الذي وقع بعد عصره من الأوهام فلن يكون محل نقده طبعاً.
(8) نقله ابن الصلاح في مقدمته ص 120.
(9) المصدر السابق.
(10) الحاكم النيسابوري، معرفة علوم الحديث ص: 59 - 60.
(11) وبعد كتابة هذا المبحث وقفت على كتاب " تنبيه الهاجد" وقرأت فيه بعض الأمثلة فوجدت معظمها على النمط الذي ذكره، غير أني أريد قراءته مرة أخرى، لأبدي دقة النقاد في كلامهم:" تفرد به فلان " أو " هذا غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه " أو نحوهما، ومنهجهم في ذلك، ولا أعني أنهم لا يفوتهم شيء من الأحاديث، وذلك لأني لاحظت في أثناء تتبعي لنصوصهم وملابساتها أن لهم مقصداً آخر في قولهم " تفرد به فلان " مع كونه مروياً في كتب معاصريه، أو زملائه، وهو بيان الخطأ والوهم في ذلك الحديث، وليس مجرد بيان التفرد وأنه لم يروه إلا ذلك الراوي، وإن كان هذا هو المتبادر إلى الأذهان من ظاهر هذا النص؛ فإن لغة النقاد تتوقف معرفتها على دراسة منهجهم وأساليبهم وخلفياتهم العلمية. والله المستعان.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[08 - 01 - 04, 01:50 م]ـ
وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في الأمالي الحلبية ص 38 رقم (12) من طريق المنتقى من المعجم الصغير للطبراني للذهبي ثنا يحيى بن عثمان ثنا نعيم بن حماد حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إنكم في زمان من ترك منكم عشر ما أمر به هلك ثم يأتي زمان من عمل منكم بعشر ما أمر به نجا)
هذا حديث غريب أخرجه الترمذي عن إبراهيم بن يعقوب عن نعيم بن حماد وقال لا نعرفه إلا من حديث نعيم بن حماد عن سفيان بن عيينة قال وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد. وكذا قال الطبراني أن نعيما تفرد به، وقال لنا شيخنا أبو غسحاق قال لنا الذهبي لم يروه إلا نعيم وليس له أصل ولاشاهد ونعيم منكر الحديث
قلت: لعل مراده بنفي الأصل تقييد كونه من حديث أبي هريرة، وهو كذلك، وأما نفيه الشاهد فمتعقب بقول الترمذي، وقد وقع لي من حديث أبي ذر000
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[25 - 01 - 04, 06:45 م]ـ
علي أبو الحسن المصري
كيف يفهم صنيع أبي حاتم الرازي هنا
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب "العلل" مسألة رقم (2136):
((وسألت أبي عن حديث رواه عيسى بن يونس، عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم {يوم يقوم الناس لرب العالمين} قال: ((يقوم الرجل في رشحه إلى أنصاف أذنيه)).
ورواه معاذ بن معاذ العنبري، عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر. موقوف [كذا في العلل]. قلت لأبي: أيهما أصح؟
قال أبي: جميعًا حافظين، ولا أعلم أحدًا يسند [كذا في العلل ولعلها: يسنده. يعني يرفعه] سوى عيسى بن يونس، وموقوف أشبه)) انتهى كلام ابن أبي حاتم.
وفي الحقيقة لم أفهم هذا الصنيع من أبي حاتم رحمه الله.
¥