خالد، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وبشر بن المفضل، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وسفيان بن عيينة)، ومن هذا يتضح أن عباد بن العوام سمع من الجريري بعد الاختلاط، وأن الجريري أخطأ في ذكر أبي نضرة بدلاً من أبي هارون، ومما يدل على اختلاط الجريري في هذا الحديث وخطئه أنه خالف من هم أكثر منه عدداً وحفظاً فكما سبق ذكره أن (محمد بن مهزم، ومعمر، وسفيان الثوري، والحكم بن عبدة، وعلي بن عاصم، ومحمد بن ذكوان، وحسن بن صالح) جميعهم رووا الحديث عن أبي هارون، عن أبي سعيد، ولم يذكر أحداً منهم أبا نضرة.

أما المتابعات التي ساقها العلامة الألباني فإنها ضعيفة، وإليك ما وقفنا عليهِ من المتابعات:

1. روي من طريق سفيان الثوري، عن أبي هريرة، عن أبي سعيد، به. عندَ أبي نعيم في

الحلية 9/ 253، وهذا إسناد ضعيف للانقطاع في سنده بين سفيان الثوري وأبي هريرة.

2. روي من طريق الليث بن أبي سليم، عن شهر حوشب، عن أبي سعيد، به عندَ الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (357)، والذهبي سير أعلام النبلاء 15/ 362، وهذا إسناد ضعيف أيضاً فيهِ الليث بن أبي سليم ضعيف فيهِ كلام ليس باليسير.

3. روي من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، قالَ: حدثنا ابن الغسيل، عن أبي خالد مولى ابن الصباح الأسدي، عن أبي سعيد الخدري، به. عندَ الرامهرمزي المحدّث الفاصل (23)، وهذا أيضاً ضعيف فيهِ يحيى بن عبد الحميد الحماني أتهم بسرقة الحديث التقريب (7591)، ولعل هذا مما سرقه وجنته يداه.

بعد عرض هذا الحديث يبدو واضحاً الفرق بين إعلال المتقدمين لهذا الحديث وبين تسرع المتأخرين في تصحيحه، لا سيما وقد اتفق على تضعيفه عالمان جليلان من مدرستين مختلفتين:

أولاهما: الإمام المبجل العراقي أحمد بن حنبل، والإمام الجهبذ محمد بن عيسى الترمذي تلميذ البخاري وخريجه، وهذا الجزم منهما على أن الحديث حديث أبي هارون هوَ حكم ناتج عن استقراء تام للمرويات ولم يخف عليهم طريق عباد بن العوام، عن الجريري، وأنه إسناد خطأ مركب لذا كانَ جواب الإمام المبجل أحمد بن حنبل: ((ما خلق الله من ذا شيئاً)). نص صريح في الحكم على خطأ الحديث.

وهذا وأمثاله يقوي لنا الجزم بأن كثيراً من الأسانيد الغريبة التي لم تدون في المصنفات القديمة لا قيمة لها، وإلاَّ فكيف نفسر إهمالهم لها مع معرفتهم بها، بل وكيف نفسر حفظهم لمئات الألوف من الأسانيد ثم طرحها وعدم تصنيفها والاكتفاء بتصنيف عشر معشارها.

وهناك حديث وقفت به على علة، وهو أني نظرت إلى إعلال ابن المديني واستوقفني حكمه عليه بالنكارة، فأردت أن أفسر النكارة، وأعرف سبب هذا الإعلال مع أن ظاهر السند القوة، وهو حديث رواه ابن أبي شيبة (1723)، وأحمد 4/ 194، والبزار (3762)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 73، والطبراني في الكبير (5221) و (5222)، وابن عدي في الكامل 7/ 270، من طريق محمد بن إسحاق، قال: حدثني الزهري، عن عروة، عن زيد بن خالد الجهني، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَنْ مسَّ فَرجَهُ فليتوضأ)).

وظاهر إسناد هذا الحديث الصحة ومحمد بن إسحاق صرح بالسماع فانتفت شبهة تدليسه، وقد حسّن هذا الإسناد الشيخ شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند الإمام أحمد 36/ 19 (21689) ط الرسالة إذ قال: ((إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وباقي رجاله ثقات رجال

الشيخين .. )).

ولكن أئمة علم الحديث من المتقدمين قد حكموا على هذا الإسناد بالوهم والنكارة، إذ قال الإمام زهير بن حرب: ((هذا عندي وهم، إنما رواه عروة، عن سبرة)) الكامل 7/ 270 وحكم عليه الإمام علي بن المديني بالنكارة المعرفة والتأريخ 2/ 16، وتأريخ بغداد 1/ 229.

وعلى هذا وافقهم من المتأخرين ابن عبد الهادي فقال في التنقيح 1/ 458: ((حديث زيد بن خالد غلط فيه ابن إسحاق، وصوابه عن بسرة بدل زيد)).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015