مدار هذا الحديث على أبي هارون فقد رواه عنه معمر في جامعه (20466)، ومن طريقه البيهقي في المدخل (622)، ومحمد بن مهزم عند الطيالسي في مسنده (2191)، وسفيان عند ابن ماجه في سننه (2191)، والترمذي في الجامع الكبير (2650)، والصيداوي في معجم شيوخه: 358، والحكم بن عبدة عند ابن ماجه في سننه (247)، وعلي بن عاصم عند الرامهرمزي في المحدّث الفاصل (22)، والخطيب في شرف أصحاب الحديث (33)، ومحمد بن ذكوان عند البيهقي في شعب الإيمان (1741) وفي المدخل، له (624)، والخطيب في شرف أصحاب الحديث (35)، وحسن بن صالح عند الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (807)، وقد تفرد به أبو هارون، وأشار إلى ذلك الترمذي إذ قال: ((هذا حديث لا نعرفه إلاَّ من حديث أبي هارون، عن أبي سعيد)) الجامع الكبير عقب (2651)، وأبو هارون هو عمارة بن جوين متروك الحديث ومنهم من كذبه انظر ميزان الاعتدال 3/ 173، والتقريب (4840)، وعلى هذا فالحديث ضعيف.
إلاَّ أن بعض المصادر المتأخرة مثل المحدث الفاصل للرامهرمزي (21)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم في 2/ 12، والمستدرك للحاكم 1/ 18، والمدخل للبيهقي (621) أخرجوه من طريق سعيد بن سليمان، بالإسناد أعلاه.
وأخرجه الرامهرمزي في المحدّث الفاصل (20) من طريق بشر بن معاذ العقدي قال: حدثنا أبو عبد الله (شيخ ينزل وراء منزل حماد بن زيد)، قال: حدثنا الجريري.
وأوردت طريقاً آخر لهذا الحديث عن سعيد بن سليمان الواسطي، عن عباد بن العوام، عن الجريري ?وهو سعيد بن إياس -، عن أبي نضرة العبدي، عن أبي سعيد به، واستدل بعض أئمة الحديث المتأخرين بهذا الطريق لتصحيح هذا الحديث إذ استشهد به الرامهرمزي في المحدث
الفاصل، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وصححه الحاكم، وقال: ((هذا حديث صحيح ثابت لاتفاق الشيخين على الاحتجاج بسعيد بن سلمان، وعباد بن العوام، والجريري ثم احتجاج مسلم بحديث أبي نضرة فقد عددت له في المسند الصحيح أحد عشر أصلاً للجريري، ولم يخرجا هذا الحديث الذي هو أول حديث في فضل طلاب الحديث، ولايعلم له علة فلهذا الحديث طرق يجمعها أهل الحديث عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد، وأبو هارون ممن سكتوا عنه)) المستدرك 1/ 88، وأشار البيهقي إلى أن رواية الجريري، عن أبي نضرة عاضدة لرواية أبي هارون إذ قال:
((هكذا رواه جماعة من الأئمة، عن أبي هارون العبدي. وأبو هارون، وإن كان ضعيفاً، فرواية أبي نضرة له شاهدة)) المدخل إلى السنن الكبرى: 369 فقرة (623)، وحسنه العلائي فقال:
((إسناده لا بأس به؛ لأن سعيد بن سليمان هذا هو النشيطي فيه لين يحتمل، حدّث عنه أبو زرعة، وأبو حاتم الرازي وغيرهما))، وصححه أيضاً العلامة الألباني حيث أورده في الصحيحة حديث رقم (280)، وأسهب الكلام في تصحيحه مستنداً في ذلك إلى ما ذهب إليه الحاكم، ورد على العلائي في أن سعيد بن سليمان هو الواسطي الثقة وليس النشيطي. وأورد بعد ذلك متابعات وشواهد أخرى للحديث.
إلاَّ أن الإمام أحمد كانت له نظرة أخرى لهذا السند دلت على دقة ملاحظة المتقدمين من أئمة الحديث وبعد نظرهم؛ إذ قال حينما سأله تلميذه مهنأ عن هذا الإسناد: ((ما خلق الله من ذا
شيئاً، هذا حديث أبي هارون، عن أبي سعيد))، وعلق على ذلك العلامة الألباني قائلاً:
((وجواب أحمد هذا يحتمل أحد أمرين: إما أن يكون سعيد عنده هو الواسطي، وحينئذ فتوهيمه في إسناده إياه مما لا وجه له في نظري لثقته كما سبق، وإما أن يكون عني أنه النشيطي الضعيف، وهذا مما لا وجه له بعد ثبوت أنه الواسطي)).
والواضح أن علة الحديث ليست بكون سعيد بن سليمان هو الواسطي أو النشيطي، بل إن علته التي تنبه لها الإمام أحمد والإمام الترمذي هي اختلاط الجريري حيث إنه اختلط قبل وفاته بثلاث سنين ومن سمع منه قبل الاختلاط هم (شعبة، وسفيان الثوري، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وإسماعيل بن علية، ومعمر بن راشد، وعبد الوارث بن سعيد، ويزيد بن زريع، ووهيب بن
¥