الحلقة الرابعة والأخيرة وهي تفريغ للشريط الخامس لأن ابتداء الكتابة كان من الشريط الثاني و أود التنبيه على أن التطبيق على هذا الدرس مكتوب عندي بخط اليد لكن لم أتفرغ لكتابته على الوورد وهو شرح للحديث المذكور في آخر المشاركة. والحمد لله رب العالمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فكما ذكرت بالأمس لعلّي أنبّه على ما يتعلق بمذهب المتقدمين ومذهب المتأخرين في علم الحديث وأقول بادئ ذي بدء أن هذا ليس خاصا بعلم الحديث بل كذلك أيضا فيما يتعلق بعلم التوحيد والعقيدة وفيما يتعلق بعلم الفقه وفيما يتعلق بأصول الفقه وهكذا .. فهذا ليس خاصا بعلم الحديث وأنه يجب اتباع طريقة السلف طريقة من تقدم وفيما يتعلق بعلم الحديث قد حصل تغيّر في المنهج وفي التزام الطريقة الصحيحة في معرفة الصناعة الحديثية وما يتعلق بذلك فحصل بين من تقدم وبعض من تأخر اختلاف في ذلك وبعض من تأخر خالف طريقة من تقدم.
فأقول: إن هناك أمورا تميّز مذهب المتقدمين عن مذهب المتأخرين ومن هذه الأمور وعلى رأسها فيما يتعلق بعلم العلل فكثير ممن تأخر إنما يحكم على الحديث من خلال النظر إلى ظاهر إسناده بغضّ النظر عن الاختلاف الذي قد يقع فيه. وكثيرا ما يقولون: إن زيادة الثقة مقبولة إذا حصل اختلاف بين من وصل وأرسل قدموا من وصل وإذا حصل اختلاف بين من وقف ورفع قدموا من رفع وقالوا: معه زيادة علم إذن هو المقدم. ولا شك أن هذا ليس بصحيح وإنما طريقة من تقدم هو أن من كانت القرائن بجانبه فهو المقدم فيما يتعلق بالإرسال والوصل أو فيما يتعلق بالرفع والوقف فزيادة الثقة إنما تقبل بالقرائن وليس كل من زاد تكون زيادته مقبولة وعلى هذا سار أهل العم ممن تقدم كما يظهر هذا من كتب العلل وصحيح البخاري ومسلم وكتب السنن كالنسائي والترمذي وأبي داود فيقدمون من كان معه القرينة وهذه القرائن إما أن تكون:
زيادة حفظ
أو تكون كثرة عدد
أو اختصاص
وما شابه ذلك من القرائن
فمثلا: فيما يتعلق بزيادة "إنك لا تخلف الميعاد" هذه زادها محمد بن عوف الحمصي وهو ثقة حافظ ولكن قد روى هذا الحديث الثقات الحفاظ كالإمام أحمد والبخاري ومحمد بن يحيى الذهلي وغيرهم ولم يذكروا هذه الزيادة وإنما كلهم رووه عن علي بن عياش عن شعيب بن أبي حمزة عن محد بن المنكدر عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن الرسول e قال:" من سمع النداء فليقل: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته " فزاد محمد بن عوف:" إنك لا تخلف الميعاد" فهذه الزيادة شاذة لأن جمعا من الثقات وعلى رأسهم من تقدم ذِكرُهم من كبار الحفاظ لم يذكروا هذه الزيادة فأين مه عن هذه الزيادة وكان طريقة أهل الحديث أنهم عندما يسمعون من أحد الرواة يسمعون كل ما عنده في الغالب ويروون كل ما عنده غالبا فيندر بينهم التفرد وأن يزيد بعضهم على البعض الآخر إلا أن يكون هذا من قبيل الوهم والخطأ. فهذه القضية من الأمور التي خالف فيها من تقدم من تأخر ولذلك تجدون أن كتب العلل كلها مبنية على ذلك أن زيادة الثقة إنما تقبل بالقرائن.
كذلك أيضا فيما يتعلق بمسألة التفرد والشذوذ وهي داخلة فيما يتعلق بالعلل فمسألة الغرابة والتفرد كثير ممن تأخر لا يلتفت إليها وإنما يحكم على احديث من خلال ظاهر الإسناد ولا ينظر إلى هذا الأمر وذلك كما ذكرت قبل قليل أن الأحاديث لها طرق مسلوكة وأن للرواة أصحاب يعرفون فعندما يأتي واحد ويروي شيئا غير موجود عند أصحاب هذا الشيخ أو الراوي فهذا دليل على الخطأ والغلط والوهم فلا بد من الانتباه لذلك ولذلك الحفاظ أعلّوا رواية قتيبة بن سعيد الليث بن سعيد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن الرسول e إذا كان مسافرا وأراد أن يجمع ما بين الصلاتين أنه إذا دخل عليه الوقت قبل أن يرتحل جمع جمع تقديم وإذا ارتحل قبل أن يدخل عليه وقت الصلاة الأولى ودخل عليه وقت الصلاة وهو سائر جمع جمع تأخير أخّر الأولى إلى الثانية وهذا السياق واللفظ مما تفرد به قتيبة بن سعيد وقتيبة بن سعيد من كبار الحفاظ الثقات ولكنه أتى بشيء لم يتابع عليه ولذلك أنكر
¥