وكذلك أيضا مثل معمر ما حدث به في اليمن فهو صحيح بخلاف ما حدث به في البصرة فله أوهام وأخطاء فيه.
وكذلك أيضا ابن جريج وحديث ابن جريج عن الزهري عن أنس عن الرسول e كان إذا أراد أن يدخل إلى الحمام خلع خاتمه. هذا الحديث منكر كما قال أبو داود السجستاني ومن أسباب نكارة هذا الحديث أن هماما أخذ هذا الحديث من ابن جريج فوقع الخطأ في هذا الحديث من هذه الناحية فأمثال هؤلاء الرواة ينبغي الانتباه إليهم حتى يكون الحكم على الحديث بالتالي مبنيا على متهج صحيح وقاعدة مستقيمة.
قال الحافظ ابن رجب:" ومنهم عبدالرزاق بن همام الصنعاني "
عبدالرزاق بن همام الصنعاني قال الإمام أحمد في رواية الأثرم:" سماع عبدالرزاق بمكة من سفيان مضطرب جدا روى عنه عن عبيدالله أحاديث مناكير هي من حديث العُمَري وأما سماعه باليمن فأحاديثه صحاح "
قال أبو عبدالله – الإمام أحمد – قال عبدالرزاق: كان هشام بن يوسف القاضي – وهذا قرين عبدالرزاق وهو أيضا من الثقات – يكتب بيده وأنا أنظر – يعني عن سفيان باليمن – قال عبدالرزاق: قال سفيان: ائتوني برجل خفيف اليد فجاءوه بالقاضي وكان ثمّ جماعة يسمعون لا ينظرون في الكتاب. قال عبدالرزاق: كنت أنظر فإذا قاموا ختم القاضي الكتاب
قال أبو عبدالله: لا أعلم أني رأيت ثَمَّة خطأ إلا في حديث بشير بن سلمان عن سيار قال أظن أني رأيته عن سيار عن أبي حمزة فأرادوا عن سيار عن أبي حمزة فغلطوا فكتبوا – هكذا عندكم؟ - قال هذا كله كلام أحمد رحمه الله يبين به صحة سماع عبدالرزاق باليمن من سفيان وضبط الكتاب الذي كتبه هناك عنه.
وذكر لأحمد حديث عبدالرزاق عن الثوري عن قيس عن الحسن بن محمد – هكذا عندكم – عن عائشة قالت: أهدي للنبي e وشيقة لحم وهو محرم فلم يأكله فجعل أحمد ينكره إنكارا شديدا وقال هذا سماع مكة "
خلاصة هذا الكلام: أن عبدالرزاق بن همام الصنعاني سمع من سفيان بن سعيد الثوري في مكانين مكان ضبط عنه فيه ومكان لم يضبط عنه فيه.
المكان الذي ضبط عن فيه هو ما سمع من سفيان باليمن لأن عبدالرزاق كان في بلده وكان ينظر في الكتاب كما تقدم. عندما جاء سفيان بن سعيد الثوري أتى اليمن قال ائتوني برجل خفيف اليد حتى يكتب حديث سفيان بن سعيد الثوري ثم يُختم على هذا الكتاب فقال عبدالرزاق: أتينا له بهشام بن يوسف الصنعاني – وهو ثقة فقيه وكان قاضيا – فأتي بهشام بن يوسف وكان يكتب حديث سفيان بن سعيد الثوري وكان عبدالرزاق ينظر في كتابة هشام بن يوسف حتى إذا أخطأ ينبهه على الخطأ وكان هناك قسم ثالث إنما سمعوا لا يكتبون ولا ينظرون وإنما هم يسمعون. فلا شك أن من يكتب وينظر أيضا في الكتابة هذا يضبط أكثر من الذي يسمع فقط. فذكر هذه القصة الإمام أحمد أراد أن يبين ضبط سماع عبدالرزاق من سفيان باليمن بخلاف سماعه من سفيان في مكة كان عبدالرزاق في مكة ومكة ليست بلدا له والإنسان في السفر قد ينشغل وقد يحاول أن يسمع بسرعة. ولا شك أن عبدالرزاق من الحفاظ ولكن ليس بالمتقن تماما يعني هناك من الحفاظ يكون ضبطه لا يتغير سواء كان في بلده أو خارج بلده هؤلاء الحفاظ الذين بلغوا درجة عالية من الحفظ والإتقان من البخاري مثلا البخاري كان يأتي ويسمع عند بعض شيوخه وكان لا يكتب فتعجبوا منه لماذا يفعل هذا ولا يكتب فاختبروه وسألوه فأملى عليهم ما كان قد سمعه من قبل فأخذوا يصححون كتبهم على سماع البخاري. فأقول: هناك أناس في الدرجة العليا من الإتقان لا يتغير سماعهم وضبطهم سواء كان في بلدهم أو غيره.
عبدالرزاق لم يكن من هذا الصنف وإن كان هو من الحفاظ ولذلك وقع في حديثه بعض الأوهام خاصة لما أصيب بالعمى فهذا الذي نبّه عليه الإمام أحمد هو في الحقيقة دقيق وكيف يعرف هذا؟
يعرف بواحد من أمرين:
إما أن يقول مثلا عبدالرزاق: حدثنا سفيان عندما كان باليمن فهذا لاشك أنه معروف.
أو يُتابِع عبدالرزاق على حديث ممن سمع من سفيان باليمن مثلُ هشام بن يوسف الصنعاني فهذا يستأنس به ليس حجة وإنما يستأنس به على أن هذا الحديث قد سمعه عبدالرزاق باليمن.
وكيف نعرف سماع مكة؟
إذا وجدنا هذا الحديث مخالفا لأحاديث الثقات نقول هذا يغلب على الظن أن عبدالرزاق إنما سمعه من سفيان بن سعيد باليمن.
¥