3 - هناك قضية اخرى يجب أن تضبط في قضية المحاورة مع الإباضية في شان مصطلحات الحديث:
وهو هل علم المصطلح عند أهل الحديث هو نفسه عند الإباضية:
الجواب طبعا نفيا .. وبقوة!!
ذلك لأن مصطلحات المحدثين تختلف عند الإباضية حتى في أسماء كتب الحديث،وهنا قضية ذات شجون بشأن أسماء كتب الحديث:
فنحن إذا نظرنا في كتب العلماء الأوائل من محدثين وفقهاء في القرن الأول والثاني نجد ان الناس كانوا يكتبون في كراريس وصحف وألواح ودفاتر .. وإذا تطور الأمر وألفوا كتابا مبوبا سموه بكتاب فلان،او ديوان فلان أو مصنف فلان مثل ديوان الإمام جابر .. أو مدونة فلان مثل مدونة مالك ومدونة أبي غانم الإباضي
مثل مصنف عبدالرزاق .. وأكاد أجزم أن مصنف عبدالرزاق هذا أطلق عليه في وقت متأخر.
وعند بحثي لم أجد أن أسماء مثل المسند الصحيح أو مسند فلان أو الجامع الصحيح أو صحيح فلان أو سنن فلان أو المستخرجات أو المستدركات او المعاجم وغيرها من أسماء الكتب .. لم أجد أن هذه الأسماء كانت موجودة في القرن الاول والثاني على الأقل في أوله حتى منتصفه أو على الأقل لم يكن متعارف عليها عند جميع الطوائف .. وإذا كان قد بدأت مثل هذه الأسماء في الشيوع والانتشار عند بعض المدارس الإسلامية فالواقع ليس كذلك عند المدرسة الفقهية الإباضية في القرون الأولى .. وهذه النقطة مهمة جدا لدراسة مسند الإمام الربيع المؤلف في القرن الثاني للهجرة
وعند بحثي المتواضع عن أسماء هذه الكتب عند المحدثين -ودعك عن الإباضية- لم اجد هذه الاسماء الإ عند مطلع القرن الثالث للهجرة حين تطورت منهجية التأليف عند المحدثين
حتى ان مالك بن أنس عندما ألف كتابه الموطأ تحير في اختيار اسم له .. حتى كان يعرضه على العلماء والفقهاء فكانوا يواطئونه عليه ... فاختار له ذاك الاسم "الموطأ"!!!
أما عن المسانيد مثل مسند الثوري ومسند مسدد ومسند عبدالله بن المبارك .. فعندي حسب معلوماتي أن هذه الكتب جمعها أناس منأخرون عن أصحابها .. ثم أطلقوا عليها مسانيد!!
بل ظلت إشكالية إطلاق أسماء تحمل طابع خاص لكتب الحديث موجودة .. فها هو كتاب الترمذي يختلفون في اسمه فمن سماه جامع الترمذي ومن سماه سنن الترمذي والآخرون سموه صحيح الترمذي
حتى صحيحي البخاري ومسلم .. قد تعورف على إطلاق الصحة عليهما فيما بعد
واختلف في اسم "سنن الدارقطني " .. كما تغير اسم كتاب ابن حبان حيث كان اسمه
فهذه الصحف والكراريس والألواح -وما أكثرها في الزمان الأول لأنه لا يتصور أي عالم الأ يكون له مجموهة أحاديث وروايات ومسائل فقهية مدونة لديه -لا تنسب لذاتها .. إنما تنسب الروايات التي تحويها عند كثير من الناس .. فيقال مثلا عن ألواح الفقيه الإباضي أبي المؤرج .. روى أبو المؤرج كذا وكذا.وعن كتب أبي عبيدة وصحفه .. قال أبو عبيدة كذا وكذا .. وعن مدونة أبي غانم .. روى أبو غانم عن الربيع عن أبي عبيدة عن جابر كذا وكذا .. وإذا كانت هناك دواوين للربيع .. قيل روى الربيع عن أبي عبيدة أو عن ضمام عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا .. هذه امثلة رأيناها ونراها في كتب الفقه الإباضي في القرون الأولى قبل أن يرتب الشيخ أبو يعقوب الوارجلاني مسند الإمام الربيع
فالإباضية طوال قرون متطاولة من شانهم في إيراد الحديث لا يذكرون أسماء كتب الحديث في كتبهم إنما يكتفون بالرواية مع ذكر الصحابي في غالب الأحيان .. ذلك لأنهم ظلوا على نفس الخصوصية التي كان عليها السلف في تدوين الفقه في عدم تسمية الكتب والاكتفاء بذكر الرواية دون تخريجها
ونحن إذا جئنا إلى مسند الإمام الربيع بن حبيب فقد كان الفقهاء الإباضيون يتعارفون عليه قبل القرن السادس للهجرة على ما بداخله من روايات فهو ديوان جمع فيه الربيع رواياته عن أبي عبيدة وعن بعض شيوخه أدخل فيه بعض التعليقات والمفيدة .. فكان الفقهاء الإباضيون يذكرون متونه بفصها وقصها.بدون أن يخرموا حرفا منه ويعضها متون لا توجد عند غير الربيع أو انه انفرد بألفاظها .. وقد يوردون السند مع المتن ... وفي بعض الأحايين يوردون السند مع المتن مع تعليقات الإمام الربيع أو تعليقات شيوخه او بعض العلماء من التابعين أو الصحابة ..
¥