كان يرى أن الآية تفسر بهذا التفسير، ونحن نعتمد على تفسير التابعين وله مكانة وقدر عندنا، فهذا التقرير ينفع الآن، فالمقصود يختلف، فلما يكون مقصودي إثبات هذا المعنى عن ابن مسعود غير ما يكون مقصودي أن هذا المعنى كان يعتبره أئمة التفسير ويرونه صحيحا

الأصل الثالث: اختلاف خاصية الخبر مما يؤدي إلى اختلاف أدلة ثبوته: الخبر الذي تتوافر الدواعي على نقله وينقله العامة عن العامة إذا جاء خبر مثله في وجوب توافر دواعي نقله ثم ينفرد به ثقة من الثقات، الخبر الذي تتوافر الدواعي على نقله ينبغي أن ينقله العامة عن العامة كحدوث حدث عظيم ككسوف الشمس، ما نقبل فيه أن يقول شخص واحد: كسفت الشمس والناس كلهم لا يعرفون هذا الخبر، فالناس كلهم يعرفون مثل هذا ويقبلونه، حتى لو كان الشخص الناقل لمثل هذا ثقة فأقل ما يتهم به في مثل هذا الخطأ، لأن خبرا كهذا تتوافر الدواعي على نقله. فخاصية الخبر تجعل حكم الخبر يختلف.

أيضا: الخبر الذي يصعب فيه الكذب أو يبعد فيه الوهم غير الخبر الذي لا يصعب فيه الكذب ولا يستبعد فيه الوهم

مثلا: نقل اللغة، فاللغة أمر مستفيض بين الناس، لو جئت وقلت: الكأس يعني السيارة التي يركبها الناس، هل في عاقل يتجرأ أن يكذب مثل هذه الكذبة؟ ما يمكن أبدا، وما دام أنه عاقل فلن يرضى على نفسه الافتضاح بمثل هذه الطريقة.

فبعض العلوم مستفيضة وشائعة مثل الأنساب مثلا، وهذا الذي يبين لماذا اعتمد العلماء على بعض الكذابين في الأنساب، فأنساب القبائل مشهورة وخاصة في تلك الفترة، ما يمكن للكاذب أن يأتي إلى قبيلة هوازن وينسبها إلى قبيلة أخرى ولا أحد يتكلم ولا أحد ينكر عليه وتمشي المسألة هكذا على مر التاريخ

ومنه الحوادث الكبرى المشهورة في الإسلام لا يمكن لأحد أن يكذب فيها فطبيعة الخبر تأبى الكذب

وكذلك القراءات فهي متواترة ولذلك نتساهل في أسانيدها يعني على طريقة المحدثين، يعني حفص مثلا الكلام الذي قيل فيه مشهور من أنه متروك وشديد الضعف ونحو ذلك، ولكن هل يشك أحد في صحة قراءته؟ لا، لِمَ؟ لأن حفصا ما كان منفردا بنقل مثل هذه القراءة وحده هو يقرأ قراءة متواترة تقرأها الأمة معه، ولذلك كان ثقة أو لم يكن ثقة عدلا كان أو غير عدل فهذا مما لا يؤثر في قبول قراءته

أما إذا كان الخبر يحتمل الكذب، ويبعد فيه الوهم هذا يكثر في التفسير فلا بد من ضرب مثال له، يعني مثلا بعض التابعين سأل بعض الصحابة عن تفسير كلمة فقال: هي كذا، هل يكون الوهم في مثل هذا قريب أم بعيد، لا شك أنه بعيد، فأضعف الناس يستطيع ضبط كلمة، لكن خبر طويل أو آحادي يمكن أن يهم فيه

أو يسأله مثلا هل هذه الآية تدل على أن كذا حرام فيقول: نعم، فهل يسهل في هذه أن يهم الإنسان؟!!

يعني هذا مجرب حتى في واقع الناس، لما تأتي لأقل الناس ذكاء، وتقول له: افعل أولا تفعل فإنه يحسن نقل مثل هذه الكلمة الواحدة

أو يكون هو صاحب قصة، ولذلك نص المحدثون على أن صاحب القصة يقدم على من لم يحضر القصة، لأنه باشَر، يعني يكون مثلا أحد التابعين سأل أحد الصحابة وصار بينه وبينه جدل في هذه القضية ونقاش، فهذا يكون أقوى في تثبيت المعلومة في ذهنه

الأصل الرابع: وفيه عمق وهو: توفر وسائل النقد والتشديد أو عدم توفرها

وسأضرب مثالا واقعيا وأترك المثال العملي لأنه محتاج إلى تفصيل

المثال الواقعي: وآسف لذكر هذا المثال لأني ما وفقت لشيء أوضح منه في ذهني، لو أنك جئت إلى باب منزلك ووجدت أحد أقاربك يخرج من البيت ويقول: ابنك توفي ونقلناه لمحل غسل الأموات، وأنت ما بينك وبين التأكد من صحة الخبر إلا أنك تدخل وترى أهلك، هل تذهب مع قريبك هذا إلى المحل الذي فيه ولدك ام تدخل البيت حتى تتأكد؟ لن تقبل هذا الخبر بسهولة بل ستدخل خصوصا وأنك تارك ابنك بصحة جيدة وبحال طيب، فلماذا دخلت؟ لأنه متوفر عندك أسباب التثبت من الخبر بسهولة ويسر

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015