د. الشهري: نعم الله سبحانه وتعالى آتاهم العلم, وممّا آتاهم من العلم في التوراة خبرك يا محمد وصفتك يا محمد ولكنّهم لمّا تبيّن لهم الحق كفروا بك واشتروا الضلالة بالهدى, بمعنى أنّهم باعوا الهدى الذي يعرفونه في الكتاب وأخذوا بدلاً منه الضلالة. لاحظ أنّه عبّر بكلمة يشترون والبيع والشراء دائماً فيه مُقابل وأنت لا تدفع ثمناً إلا لشيء أنت تحبّه, فهم معناه أنهم راغبون في الضلالة رغبة المشتري في السلعة
د. الخضيري: يا الله! بلاغة هذه الكلمة
د. الشهري: يعني معناه ليس مجرد أنهم ضلّوا بالغلط
د. الخضيري: أو بالقهر أو بالإكراه
د. الشهري: لا هؤلاء ضلّوا على علم, واشتروا الضلالة عن معرفة وبيّنة
د. الطيار: مثل ما حصل من حييّ بن أخطب قال عداوته ما بقيت
د. الشهري: لذلك لاحظوا يا إخواني نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم الإخلاص, وأن يجعل ما تعلّمناه من كتاب الله وما تعلّمه الإخوة المشاهدين حجةً لنا لا حجةً علينا, لأن المشكلة أحياناً يا إخواني قد يؤتى الإنسان على علم ويضل على علم, ولاحظوا في القرآن الكريم تهديد واضح في هذا عندما قال الله سبحانه وتعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا) أي أعطاه الله حظاً من العلم في الكتاب, قال: (فَانسَلَخَ مِنْهَا)
د. الخضيري: كأنّها كانت ثوباً عليه فخرج منه قصداً
د. الشهري: فخلعه, نعم (فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) لاحظ الآية التي أخطر منها التي بعدها قال: (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) وهذه المشكلة إتبّاع الهوى! قال: (أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ) أي تطرده, تحمل عليه بمعنى تلحقه (إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث) يعني لاهث لاهث سواء طردته أو تركته
د. الخضيري: وكذلك علماء السوء الذين ذكر الله هذا المثال لهم تجد الواحد منهم همّه الدنيا إن نام وإن قعد وإن تكلم وإن أفتى وإن كتب كتاباً لا يريد إلا هذه الدنيا ولا يدور إلا عليها ومستعد أن يُزوّر ويزيّف ويُضلّ من أجل أن يُحصّل منصباً أو جاهاً أو منزلةً
د. الشهري: ولذلك المسألة خطيرة, لذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (من أول من تُسعّر به النار رجلٌ تعلّم العلم لأجل الدنيا فيُقرّ بنعمة الله عليه, فيقال: تعلّمت العلم فماذا عملت به؟! فيقول تعلّمت العلم لك يا رب وفيك, فيُقال له كذبت, تعلمّت العلم ليُقال عالِم وقد قيل ثم يُسعر به والعياذ بالله إلى جهنم). ثم يقول في الصفة الأخرى من صفات اليهود قال (وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ)
د. الخضيري: لو جعلنا الدكتور مساعد يُعلّق عليها
د. الطيار: عندنا قبل، مرّ علينا في اليهود آية وهي قوله سبحانه وتعالى (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) بناءً على أنّها نزلت فيهم فتكون هذه الآية الأولى مقدمّة للدخول في التفصيل مع اليهود
د. الخضيري: على عادة القرآن في أنّه قبل أن يدخل في الشيء دخولًا تاماً يضع بعض المقدمات التي تُهيئ النفس للدخول إلى ذلك الشيء بتفاصيله ودقائقه. (وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ) ما معناها يا دكتور مساعد؟!
د. الطيار: لا، هناك فائدة قبل
د. الشهري: فائدة في التعامل مع اليهود , فهناك معالِم في الصراع مع اليهود, الدكتور مصطفى مسلم له كتاب اسمه "المعالم القرآنية في التعامل مع اليهود" أشار فيه إلى مثل هذه الآية في قول الله سبحانه وتعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ) ما قال الله سبحانه وتعالى اشتروا الضلالة في الماضي, اليهود هذه طبيعة مستمرّة هذه أخلاقهم أنّهم دائمًا يشترون الضلالة
د. الخضيري: ولذلك تجد كل ضلالة في الأرض لو تتبّعت أصولها وجذورها تجدها من اليهود
¥