د. الطيار: هو طبعاً قيل غيره, هو المقصود أنّ واحدًا من الصحابة صلّى بهم وهو سكران, طبعاً السكران كما هو معلوم أنّ السكر هو مخالطة العقل يعني اختلاط العقل، لكنّه لا يدل على ذهابٍ تام وإلا لو كان على ذهابه التام لما استطاع أن يقرأ ولا أن يصلي. ولكنه أحدث عنده هذا السكر ما جعله تختلط عليه القراءة. هذا هو سبب النزول الصريح في هذه الآية. ورد عن الضحّاك خلاف ذلك قال: لم يعني سكر الخمر وإنما عنى سُكر النوم, وورد أيضًا عن ابن عباس لكنّه ليس كنفي الضحّاك بمعنى أنّ ابن عباس قال: (لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى) قال: سُكر النوم, فما ذهب إليه الضحّاك ليس بصحيح في أنها لا يعني بها سكر الخمر, لو قال (لم) يعني سكر الخمر هذا المقطع ليس بصحيح, ودخول سكر النوم هذا سيأتي له تفصيل ولكن المقصد أنّ سبب النزول هذا واضح وصريح. لو تأمّلنا قول الضحّاك في كونه سكرًا له, أي لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى بسبب النوم أيضًا هذا صحيح يدخل لكن من باب القياس لأنّ حال من به شدة النوم يُشبه حال من به سكر الخمر, ولهذا الرسول الله صلى الله عليه وسلم نصح كما في صحيح البخاري المسلم إذا كان يصلي يعني إن أدركه
د. الشهري: إذا كان ينعس, إذا صلى أحدكم وهو ينعس فلينم
د. الطيار: لأنه لا يدري ماذا يقول
د. الشهري ود. الخضيري: فقد يدعو على نفسه
د. الطيار: فهذا إذن جانب ينتبه له في أنّ ما ذكره بعض السلف من كونه سكر النوم أنه يدخل في معنى الآية قياسًا.
د. الخضيري: في قوله: (حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ) هذه الحقيقة تدلنا على قاعدة عظيمة في العبادة وهي أنّ الإنسان ينبغي له أن لا يمارس شيئاً من العبادة حتى يكون حاضر القلب بها, ولذلك نُهيَ السكران مع أنّه يستطيع أن يصلي بل قد يقوم بالصلاة أنشط مما لو كان غير سكران, أحيانًا السكر يُعطي الإنسان دفعة من النشاط أكثر من لكن الإنسان يفقده التركيز والفهم لما يقول. ولهذا نقول ينبغي لمن أقبل على صلاته أن يعتني بحضور قلبه في الصلاة لأنّ المقصود في الصلاة أن يؤديها الإنسان على وجهٍ يكون قلبه مقبلاً فيها على الله سبحانه وتعالى. ولذلك قال أبو الدرداء إنّ من فِقْه الرجل أن يقبل على صلاته وقلبه فارغ ليس فيه شغل من شغل الدنيا حتى يتفقه في الصلاة ويفهم ما يقول وينطق وحتى يعود أثر هذه القراءة وهذه الأعمال والركوع والسجود عليه وهو يصلي. ونحن الآن يا إخواني نعاني كثيرًا والله وأنا أقولها بكل مرارة من أننا نؤدي صلواتنا لكن نسرح فيها كثيرًا ويأتينا الشيطان فيها ويلعب فينا لعبًا شديدًا لكن علينا أن لا نيأس ونعلم أن هناك مراتب, من الناس من هو في مرتبة -ما شاء الله- الصديقية التي وصل فيها إلى كمال الصفاء إذا دخل في الصلاة إنقطع عن كل الدنيا. ومن الناس من هو في مرتبة المجاهدة يعني يجاهد في هذه الصلاة ومرة يظفر بأكثر صلاته ومرة يظفر منه الشيطان بأكثر صلاته. ومن الناس من أهمل هذا الأمر تماماً وهذا لا يعنيه, يعني أنه يتصرف يركع ويقوم ويسجد دون أن يكون عنده عناية بإقبال قلبه على صلاته فيها. ونحن نقول هذه الآية تشير إلى هذا المعنى طبعًا هناك آيات أخرى أصرح من هذه مثل قول الله عز وجل (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) وأول صفة من صفات هؤلاء المؤمنين ذكر الخشوع قال (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)
د. الشهري: أيضًا في الآية دلالة على أنّ علامة ذهاب السُكر وإمكانية الدخول في الصلاة معرفة ما يقول الإنسان بدليل قوله (حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ) وأنّ هذا أيضًا حدّ من حدود الخشوع الحدّ الأدنى من حدود الخشوع أن يعرف المُصلي ماذا يقول في صلاته؟! ماذا قرأ؟! أحيانًا تسأل بعض الناس ماذا قرأ الإمام في الصلاة؟! فلا يدري! وإنما يستمع إليه وهو يقول (ولا الضالين) فيقول (آمين) ولا يدري ماذا قرأ بعد ذلك! فهذا دلالة على أنّ قلبك كان معرضًا وأنّه لم يكن في تمام حضوره وخشوعه وإقباله على الصلاة كما ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية وأمر بوجوب عدم قربان الصلاة إلاّ بعد معرفة ما يقول الإنسان وما يتعبد لله سبحانه وتعالى به في صلاته. ولذلك حتى من الملاحظات التي ألاحظها وأنا أصلي بالناس, أحياناً أسهو في صلاتي وأنا
¥