د. الطيّار: وعلى القراءة الثَّانية (وإن تَكُ مِثقَال الذَرّة حسنةً (وأنَّثَها)

د. الخضيري: أو يُقال وإِن تَكُنُ الفَعلَةُ حسنةً يُضاعفها

د. الطيّار: لكنّه قال (وإن تكُ) يُرَدّها إلى مثقال الذّرة.

د. الشّهري: جميل، الفكرة التّي أردت أن أقولها إلى فضل الله سبحانه وتعالى في تعامله مع النّاس، وكيف أنّ الله سبحانه وتعالى يُضَاعِف الحسنة، ويَتَفَضَّل على الإنسان بمُضاعفتها، في حين أنَّ السَّيئة تبقى كما هي.

د. الخضيري: هذا من كَرَمِ الله.

د. الشِّهري: نعم، لاحظ أنّه قال في الآية التّي قبلها قال (ويكتُمُون ما آتاهم الله من فضله) هُنا يشير إلى هذا الفضل فيقول (وإن تَكُ حسنةً يُضاعفها ويُؤتِ من لدُنُه أجراً عظيماً)

د. الطيّار: ولم يُقِّيد التَّضعِيف بِشَيء فدلّ على

د. الخضيري: نعم، فَدَلَّ على أنَّ المُضاعفة في كُلِّ ما يَكُون في جانب الحسنات، لكن مضاعفة الله عَزَّ وَجل مَحضُ فضلٍ من الله، لذلك يُضَاعِف لهذا بعشر حسنات، وذاك بسبعين، وذاك بسبعمائة، وذلك على حسب ما يَحتَفّ بالعمل من الأحوال، رجُل يُنفِق من قِلَّة ريالاً، ورَجُلٌ يُنفِق مِن سَعَة ريالاً، ليسُوا سواءً!. قال النّبي صلى الله عليه وسلّم: سَبَقَ درهمٌ مائة ألف درهم، قالوا:وكيف يَسبِق يا رسول الله درهَمٌ، مائة ألف درهم؟ قال: أنفق رجُلٌ من عُرضِ ماله مائة ألف (طَرف ماله) ورجُلٌ له درهمان أنفق أحدهُما وأبقى الآخر، اُنظُر كأنّه أنفق نصفَ ماله!

د. الشِّهري: حدِّثنا يا شيخ محمّد عن هذه الآية التي بكى عندها النّبي صلى الله عليه وسلّم (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41))

د. الطَيَّار: هناك آية شبيهة لها في سورة النّحل (ويوم نبعثُ في كُلّ أمَّة شهيداً عليهم من أنفسهم وجِئنا بكَ شهيداً على هؤلاء)

د. الخضيري: طبعاً هذا تذكير بموقف رسول الله صلى الله عليه وسلّم في ذَلِك الموطِنّ الذِّي يَظهر فيه شرَفُ رسول الله صلى الله عليه وسلّم على كُلِّ وَلَدِ آدم، يبقى الخَليقة كُلُّهُم ينظرون إليه لأنّهَم في ذلك اليوم عندما يطُول بهم الموقف ويشتدّ عليهم الأمر، يُطالبون بفصل القضاء من طول اليوم ومن شِدَّة الهَول، فيذهَبُون إلى الأَنبياء وَيبدَأُون بآدم عليه السَّلام، ثمّ يَمُرُّون على نوح، ثمّ إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى وكلهم يعتذر إلى أن يقال لهم: اذهبوا إلى محمّد، اذهبوا إلى محمّد ولم يذكُر ذنباً، ثمّ يذهب فيسجُد تحت قائمة العَرش، ويسجد فيفتح الله عليه من المحامد ما لم يفتحُه عليه من قبل، ثمّ يُقال: إرفع رأسك، وسَلْ تُعطه، واشفّع تُشَّفَع. هذا الموقف الذّي يحدُث للنّبي صلى الله عليه وسلّم موقف مهيب وهو المقام المحمود الذّي ذَكَرَه الله عز وجل له. فيقول الله عز وجل: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ (يا محمد) عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41) يعني تشهد عليهم.

د. الشّهري: يعني كأنّ المقصود بالشّهيد هنا النّبي.

د. الخضيري: نعم.

د. الطيّار: ولكنّه بمعنى الشّهادة وليست الحضور، وإنّما الشهادة عليهم، الحُكم عليهم بما عملوه

د. الخضيري: أو بالشّهادة أنّه بلّغهم، لذلك النبي صلى الله عليه وسلّم كان يحرص في مواطن التبليغ أن يقول: ألا هل بلّغت، اللهم فاشهد، ألاّ هل بلّغت. اللهمّ فاشهد. وينكُت بإصبعه الشريفة عليه الصّلاة والسّلام إلى النّاس.

د. الطيّار: طبعاً الشِّيخ عبد الرّحمن يقصد أنّ الشِّهيد هنا هو النّبي (من كُلِّ أُمّةٍ بشهيد) أيّ بِنبيّ يشهد على قومه أنّه قد بلّغهُم رسالة الله إليهم، وبلَّغّهُم نُبُوَّة محمد صلى الله عليه وسلّم، (وجِئنا بكَ على هؤلاء شهيداً) فَعَمَمّ يحتمل (هؤلاء) على أُمَّتِك، أو على أنبياء الأمم، وهذا لا شكَّ أنّه من شَرَفه عليه الصّلاة والسّلام.

د. الشهري: التَّنوين هنا في قوله (يومئذٍ) ماذا يُسمّى شيخ محمّد؟

د. الخضيري: تنوين عِوض يكون عن حرف، يكون عن كلمة، ويكون عن جُملة.

د. الشِّهري: هُنا التَّنوين عِوَض عن جملة.

د. الخضيري: (يومئذٍ يَوَدُّ الذِّينَ كَفَروا) وهُنُا عَطَف، وقال (وعَصَوُا الرَّسول) هو الذِّي يَعصِي الرَّسول قد كفر، لكن من باب التَّنصيص على أنّ مخالفة الرّسول مؤدِّية إلى الكُفُر.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015