الوجه الأول: ان المنقول عنهم أمر محكم و هو عدم التأويل بنقل الكافة عنهم , و النص الذي نقله من يقول بدعوى تأويلهم نص متشابه - على الأقل لديه - فوجب رد المتشابه الى المحكم كما هو مقرر عند الأصوليين , و هذا رد متين.

الوجه الثاني: ان هذا النص الذي يزعم ناقله انه تأويل منهم لا يعدو كونه فهم خاص لناقله لأن الأصل المنقول عنهم عدم التأويل فلا يُعارض بهذه المعارضة

الوجه الثالث:ان هذا النص الذي يزعم ناقله انه تأويل منهم: لا يعدو كونه تفسيرا وإيضاحا للنص لا أنه حمل اللفظ على معنى مرجوح بل هو الظاهر الذي لا محيد عنه

الوجه الرابع:ان هذا النص الذي يزعم ناقله انه تأويل منهم: ضعيف لا يثبت سنداً

الوجه الخامس: ان هذا النص المزعوم تأويله على تقدير ثبوته: قيل في سبيل معارضة لخصم جهمي لا يقر إلا بطريق المحاججة و المفاصلة فإذا أبطل أحد الأئمة حجته بحجة من قبيل حجته - و لكنها لا يلتزمها كمذهب - إنما هي من قبيل التنزل مع الخصم: لم يكن معنى هذا ان مذهبه التأويل! بل هو إبطال حجته بجنس حجته و هذا معروف في منهج المناظرات و الإلزامات.

الوجه السادس: ان يقال: ان اختلاف الصحابة في تفسير اية من آيات القرآن لا يعني نفيهم لهذه الصفة في ذاتها كما وقع في صفة الساق فليس هذا نفيا من ابن عباس رضي الله عنه لهذه الصفة انما رأى انها غير مضافة لله تعالى فيما رأى غيره كابن مسعود ان المقصود بهذه الاية هي الصفة لأنها مفسرة بالحديث الصحيح , فهذا اختلاف في تفسير الآية لا في إثبات الصفة فتفطن.

و هذه الوجوه خلاصة ما يجاب به الناقل فيما ينقل عن السلف من دعوى التأويل و إلا تفصيل هذه الأمور بذكر الأقوال و الشواهد و الأمثلة ... ألخ لا يتسع له المقام و الله المستعان

==============

اذا عرفنا هذا:

فيبقى ان يقال: إما ان صفة الساق داخلة في هذا التقرير عن السلف و هو عدم التأويل أو ليست داخلة فيه؟

فإن قيل: هي ليست داخلة فيه , فلمَ؟ و ما هو الدليل؟ و إجماع السلف بل و جماعة من الخلف على ان المنقول عن السلف هو عدم التأويل؟

و ان قال: هي داخلة فيه , انتهت المناظرة بيننا

فإن قيل: فمن من الصحابة أثبت الساق لله تعالى؟ قيل له: ابن مسعود و أبو هريرة رضي الله عنهما فالمنقول عنهما انهما قالا في تفسير هذه الآية: يكشف عن ساقه

و اما ما نُقل عن ابن عباس رضي الله عنهما فليس هذا نفيا منه رضي الله عنه لهذه الصفة انما رأى انها غير مضافة لله تعالى فيما رأى غيره كابن مسعود رضي الله عنه ان المقصود بهذه الاية هي الصفة لأنها مفسرة بالحديث الصحيح , فهذا اختلاف في تفسير الآية لا في إثبات الصفة.

ـ[نزار حمادي]ــــــــ[02 Oct 2008, 04:30 م]ـ

أخي الكريم.

الجواب الصحيح للسؤال الأول هو أن التأويل: هو توجيه لفظ متوجه إلى معاني عديدة إلى واحد منها بحسب ما ظهر من الأدلة. فإذا لم يظهر الدليل القطعي للتوجيه اكتفي بطرح المعنى الباطل من تلك المعاني المحتملة بالدليل القطعي كقوله تعالى: (ليس كمثله شيء) (لم يكن له كفؤا أحد) وأُقِر بعد ذلك بنفي العلم بالمعنى المراد مع اعتقاد أن ثمة معنى صحيحا أراده الله تعالى. وهذا بناء على أنه لا يكتفى بالظنون في الاعتقاديات. أما من جوز الاكتفاء بالظنون فيها دفعا للشبهات فيعيّن معنى من المعاني المحتملة التي تصح ـ بعد طرح المحال ـ بما ظهر من الأدلة.

الجواب الصحيح للسؤال الثاني بعد تسليم أن كل أقوال السلف الصالح فردا فردا قد نقلت لنا بالتواتر أنها وإن لم تدل على التأويل بالمعنى الصحيح المتقدم إلا أنها لم تدل صراحة ودلالة قطعية على أنهم يحملون الآيات والأحاديث المختلف في مفهوها على المعنى الظاهر المقتضي للمحسوسية والجزئية والتبعيض في حق الله تبارك وتعالى. والقطع عليهم بأنهم أرادوا المعاني الظاهره اللازمة لما ذكر قطع لا مستند له.

الجواب الصحيح للسؤال الثالث أنه وإن سلم الاتفاق على أن السلف فردا فردا لم يأولوا ـ بمعنى لم يعينوا للمتشابهات معنى من المعاني الصحيحة ـ فلا يسلم أنهم اتفقوا على الحمل على الظاهر المفيد للتجزء والتبعض والمحسوسية في حق الإله تعالى، بل المنقول عن الإمام أحمد هو الإيمان مع نفي الكيف والمعنى، ونفي العلم بالمعنى والكيف لا يمكن إنكاره عن الإمام أحمد ولا تأويله، فهو صريح في أنه لا يحمل المتشابهات على المعنى الظاهر وإلا لما كان لنفيه للمعنى فائدة لأن كل من يقوِّله أنه يحمل المتشابهات على الظاهر يدعي أن المعنى معلوم قطعا وجزما وأنه ليس سوى ما يفهمه العامي.

فتبين بهذا أن ما اعتبرته أخي من المحكم والمتفق عليه ليس محكما ولا متفقا عليه، فما فعلت أخي سوى رد المتشابه إلى المتشابه، وباقي كلامك أخي مبني على ما اعتقدته أصولا محكمة متفقا عليها، وهي ليست كذلك. وبالله تعالى التوفيق.

كما أرجو من إخواني التركيز على الموضوع الأساسي وهو مفهوم كشف الساق في الآية والحديث ومدى تطابق الواقعتين أو اختلافهما بأدلة معتبرة.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015